nindex.php?page=treesubj&link=32285قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا جعل بمعنى خلق وقد تقدم
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72من أنفسكم أزواجا يعني آدم خلق منه حواء . وقيل : المعنى جعل لكم من أنفسكم ، أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقتكم ; كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي من الآدميين . وفي هذا رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها ، حتى روي أن
عمرو بن هند تزوج منهم غولا وكان يخبئوها عن البرق لئلا تراه فتنفر ، فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة فقالت :
عمرو ! ونفرت ، فلم يرها أبدا . وهذا من أكاذيبها ، وإن كان جائزا في حكم الله وحكمته فهو رد على الفلاسفة الذين ينكرون وجود الجن ويحيلون طعامهم . " أزواجا " زوج الرجل هي ثانيته ، فإنه فرد فإذا انضافت إليه كانا زوجين ، وإنما جعلت الإضافة إليه دونها لأنه أصلها في الوجود كما تقدم .
nindex.php?page=treesubj&link=32285قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وجعل لكم من أزواجكم بنين ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ، ووجود الأبناء يكون منهما معا ; ولكنه لما كان خلق المولود فيها وانفصاله عنها أضيف إليها ، ولذلك تبعها في الرق والحرية وصار مثلها في المالية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : سمعت إمام الحنابلة
بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول : إنما تبع الولد الأم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية ; لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ولا مالية فيه ولا منفعة ، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها فلأجل ذلك تبعها . كما لو أكل رجل تمرا في أرض رجل وسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة لأنها انفصلت عن الآكل ولا قيمة لها .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وحفدة روى
ابن القاسم عن
مالك قال وسألته عن قوله - تعالى - :
[ ص: 130 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72بنين وحفدة قال : الحفدة الخدم والأعوان في رأيي . وروي عن
ابن عباس في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وحفدة قال هم الأعوان ، من أعانك فقد حفدك . قيل له : فهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم وتقول أوما سمعت قول الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الأجمال
أي أسرعن الخدمة . والولائد : الخدم ، الواحدة وليدة ; قال
الأعشى :
كلفت مجهولها نوقا يمانية إذا الحداة على أكسائها حفدوا
أي أسرعوا . وقال
ابن عرفة : الحفدة عند العرب الأعوان ، فكل من عمل عملا أطاع فيه وسارع فهو حافد ، قال : ومنه قولهم إليك نسعى ونحفد ، والحفدان السرعة . قال
أبو عبيد : الحفد العمل والخدمة . وقال
الخليل بن أحمد : الحفدة عند العرب الخدم ، وقاله
مجاهد . وقال
الأزهري : قيل الحفدة أولاد الأولاد . وروي عن
ابن عباس . وقيل الأختان ; قاله
ابن مسعود وعلقمة وأبو الضحى nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وإبراهيم ; ومنه قول الشاعر :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت لها حفد ما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية عيوف لإصهار اللئام قذور
وروى
زر عن
عبد الله قال : الحفدة الأصهار ; وقاله
إبراهيم ، والمعنى متقارب . قال
الأصمعي : الختن من كان من قبل المرأة ، مثل أبيها وأخيها وما أشبههما ; والأصهار منها جميعا . يقال : أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر . وقول
عبد الله هم الأختان ، يحتمل المعنيين جميعا . يحتمل أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها ، ويحتمل أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن ، فيكون لكم بسببهن أختان . وقال
عكرمة : الحفدة من نفع الرجل من ولده ; وأصله من حفد يحفد - بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل - إذا أسرع في سيره ; كما قال
كثير :
حفد الولائد بينهن . . . البيت
ويقال : حفدت وأحفدت ، لغتان إذا خدمت . ويقال : حافد وحفد ; مثل خادم وخدم ، وحافد وحفدة مثل كافر وكفرة . قال
المهدوي : ومن جعل الحفدة الخدم جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم ; كأنه قال : جعل لكم حفدة وجعل لكم من أزواجكم بنين .
قلت : ما قاله
الأزهري من أن الحفدة أولاد الأولاد هو ظاهر القرآن بل نصه ; ألا ترى أنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة فجعل الحفدة والبنين منهن . وقال
ابن [ ص: 131 ] العربي : الأظهر عندي في قوله بنين وحفدة أن البنين أولاد الرجل لصلبه والحفدة أولاد ولده ، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ويكون تقدير الآية على هذا : وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة . وقال معناه الحسن .
الثالثة : إذا فرعنا على قول
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وعلماء اللغة في قولهم إن الحفدة الخدم والأعوان ، فقد خرجت
nindex.php?page=treesubj&link=11385_18013خدمة الولد والزوجة من القرآن بأبدع بيان ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عن
سهل بن سعد nindex.php?page=hadith&LINKID=835441أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعرسه فكانت امرأته خادمهم . . . الحديث ، وقد تقدم في سورة " هود " وفي الصحيح عن
عائشة قالت : أنا فتلت قلائد بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي . الحديث . ولهذا قال علماؤنا : عليها أن
nindex.php?page=treesubj&link=11385تفرش الفراش وتطبخ القدر وتقم الدار ، بحسب حالها وعادة مثلها ; قال الله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189وجعل منها زوجها ليسكن إليها فكأنه جمع لنا فيها السكن والاستمتاع وضربا من الخدمة بحسب جري العادة .
الرابعة : ويخدم الرجل زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها ، لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=835442روته عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج . وهذا قول
مالك : ويعينها . وفي
أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخصف النعل ويقم البيت ويخيط الثوب .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835443وقالت عائشة وقد قيل لها : ما كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته ؟ قالت : كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه .
الخامسة : وينفق على خادمة واحدة ، وقيل على أكثر ; على قدر الثروة والمنزلة . وهذا
[ ص: 132 ] أمر دائر على العرف الذي هو أصل من أصول الشريعة ، فإن نساء الأعراب وسكان البوادي يخدمن أزواجهن في استعذاب الماء وسياسة الدواب ، ونساء الحواضر يخدم المقل منهم زوجته فيما خف ويعينها ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=11385أهل الثروة فيخدمون أزواجهن ويترفهن معهم إذا كان لهم منصب ذلك ; فإن كان أمرا مشكلا شرطت عليه الزوجة ذلك ، فتشهد أنه قد عرف أنها ممن لا تخدم نفسها فالتزم إخدامها ، فينفذ ذلك وتنقطع الدعوى فيه .
nindex.php?page=treesubj&link=32285قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72ورزقكم من الطيبات أي من الثمار والحبوب والحيوان .
أفبالباطل يعني الأصنام ; قاله
ابن عباس . يؤمنون قراءة الجمهور بالياء . وقرأ
أبو عبد الرحمن بالتاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وبنعمة الله أي بالإسلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72هم يكفرون .
nindex.php?page=treesubj&link=32285قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا جَعَلَ بِمَعْنَى خَلَقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا يَعْنِي آدَمَ خَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، أَيْ مِنْ جِنْسِكُمْ وَنَوْعِكُمْ وَعَلَى خِلْقَتِكُمْ ; كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَيْ مِنَ الْآدَمِيِّينَ . وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَزَوَّجُ الْجِنَّ وَتُبَاضِعُهَا ، حَتَّى رُوِيَ أَنَّ
عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ تَزَوَّجَ مِنْهُمْ غُولًا وَكَانَ يُخَبِّئُوهَا عَنِ الْبَرْقِ لِئَلَّا تَرَاهُ فَتَنْفِرَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي لَمَعَ الْبَرْقُ وَعَايَنَتْهُ السِّعْلَاةُ فَقَالَتْ :
عَمْرٌو ! وَنَفَرَتْ ، فَلَمْ يَرَهَا أَبَدًا . وَهَذَا مِنْ أَكَاذِيبِهَا ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي حُكْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ وُجُودَ الْجِنِّ وَيُحِيلُونَ طَعَامَهُمْ . " أَزْوَاجًا " زَوْجُ الرَّجُلِ هِيَ ثَانِيَتُهُ ، فَإِنَّهُ فَرْدٌ فَإِذَا انْضَافَتْ إِلَيْهِ كَانَا زَوْجَيْنِ ، وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِ دُونَهَا لِأَنَّهُ أَصْلُهَا فِي الْوُجُودِ كَمَا تَقَدَّمَ .
nindex.php?page=treesubj&link=32285قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ ظَاهِرٌ فِي تَعْدِيدِ النِّعْمَةِ فِي الْأَبْنَاءِ ، وَوُجُودُ الْأَبْنَاءِ يَكُونُ مِنْهُمَا مَعًا ; وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ خَلْقُ الْمَوْلُودِ فِيهَا وَانْفِصَالُهُ عَنْهَا أُضِيفَ إِلَيْهَا ، وَلِذَلِكَ تَبِعَهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَصَارَ مِثْلَهَا فِي الْمَالِيَّةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : سَمِعْتُ إِمَامَ الْحَنَابِلَةِ
بِمَدِينَةِ السَّلَامِ أَبَا الْوَفَاءِ عَلِيَّ بْنَ عُقَيْلٍ يَقُولُ : إِنَّمَا تَبِعَ الْوَلَدُ الْأُمَّ فِي الْمَالِيَّةِ وَصَارَ بِحُكْمِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ ; لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنِ الْأَبِ نُطْفَةً لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ ، وَإِنَّمَا اكْتَسَبَ مَا اكْتَسَبَ بِهَا وَمِنْهَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ تَبِعَهَا . كَمَا لَوْ أَكَلَ رَجُلٌ تَمْرًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَسَقَطَتْ مِنْهُ نَوَاةٌ فِي الْأَرْضِ مِنْ يَدِ الْآكِلِ فَصَارَتْ نَخْلَةً فَإِنَّهَا مِلْكُ صَاحِبِ الْأَرْضِ دُونَ الْآكِلِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ لِأَنَّهَا انْفَصَلَتْ عَنِ الْآكِلِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَحَفَدَةً رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
مَالِكٍ قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
[ ص: 130 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72بَنِينَ وَحَفَدَةً قَالَ : الْحَفَدَةُ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ فِي رَأْيِي . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَحَفَدَةً قَالَ هُمُ الْأَعْوَانُ ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ . قِيلَ لَهُ : فَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ ؟ قَالَ نَعَمْ وَتَقُولُ أَوَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ أَسْرَعْنَ الْخِدْمَةَ . وَالْوَلَائِدُ : الْخَدَمُ ، الْوَاحِدَةُ وَلِيدَةٌ ; قَالَ
الْأَعْشَى :
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَيْ أَسْرَعُوا . وَقَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ : الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْأَعْوَانُ ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطَاعَ فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ ، قَالَ : وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، وَالْحَفَدَانُ السُّرْعَةُ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : الْحَفْدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ : الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ ، وَقَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَقَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : قِيلَ الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ الْأَخْتَانِ ; قَالَهُ
ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَلْقَمَةُ وَأَبُو الضُّحَى nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ ; وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ لَهَا حَفَدٌ مَا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ عَيُوفٌ لِإِصْهَارِ اللِّئَامِ قَذُورُ
وَرَوَى
زِرٌّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : الْحَفَدَةُ الْأَصْهَارُ ; وَقَالَهُ
إِبْرَاهِيمُ ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ . قَالَ
الْأَصْمَعِيُّ : الْخَتَنُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ ، مِثْلُ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا ; وَالْأَصْهَارُ مِنْهَا جَمِيعًا . يُقَالُ : أَصْهَرَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ وَصَاهَرَ . وَقَوْلُ
عَبْدِ اللَّهِ هُمُ الْأَخْتَانُ ، يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا . يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَبَا الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقْرِبَائِهَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تُزَوِّجُونَهُنَّ ، فَيَكُونُ لَكُمْ بِسَبَبِهِنَّ أَخْتَانٌ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : الْحَفَدَةُ مَنْ نَفَعَ الرَّجُلَ مِنْ وَلَدِهِ ; وَأَصْلُهُ مِنْ حَفَدَ يَحْفِدُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ - إِذَا أَسْرَعَ فِي سَيْرِهِ ; كَمَا قَالَ
كَثِيرٌ :
حَفَدَ الْوَلَائِدُ بَيْنَهُنَّ . . . الْبَيْتَ
وَيُقَالُ : حَفَدَتْ وَأَحْفَدَتْ ، لُغَتَانِ إِذَا خَدَمَتْ . وَيُقَالُ : حَافِدٌ وَحَفَدٌ ; مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٌ ، وَحَافِدٌ وَحَفَدَةٌ مِثْلَ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ . قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَمَنْ جَعَلَ الْحَفَدَةَ الْخَدَمَ جَعَلَهُ مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيمَ ; كَأَنَّهُ قَالَ : جَعَلَ لَكُمْ حَفَدَةً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ .
قُلْتُ : مَا قَالَهُ
الْأَزْهَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَفَدَةَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بَلْ نَصُّهُ ; أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً فَجَعَلَ الْحَفَدَةَ وَالْبَنِينَ مِنْهُنَّ . وَقَالَ
ابْنُ [ ص: 131 ] الْعَرَبِيِّ : الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً أَنَّ الْبَنِينَ أَوْلَادُ الرَّجُلِ لِصُلْبِهِ وَالْحَفَدَةَ أَوْلَادُ وَلَدِهِ ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ اللَّفْظِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا : وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَمِنَ الْبَنِينِ حَفَدَةً . وَقَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ .
الثَّالِثَةُ : إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ وَعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَفَدَةَ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ ، فَقَدْ خَرَجَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=11385_18013خِدْمَةُ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَبْدَعِ بَيَانٍ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=835441أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ دَعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُرْسِهِ فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ . . . الْحَدِيثَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ " هُودٍ " وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي . الْحَدِيثَ . وَلِهَذَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا : عَلَيْهَا أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11385تَفْرِشَ الْفِرَاشَ وَتَطْبُخَ الْقِدْرَ وَتَقُمَّ الدَّارَ ، بِحَسَبِ حَالِهَا وَعَادَةِ مِثْلِهَا ; قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَكَأَنَّهُ جَمَعَ لَنَا فِيهَا السَّكَنَ وَالِاسْتِمْتَاعَ وَضَرْبًا مِنَ الْخِدْمَةِ بِحَسَبِ جَرْيِ الْعَادَةِ .
الرَّابِعَةُ : وَيَخْدِمُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فِيمَا خَفَّ مِنَ الْخِدْمَةِ وَيُعِينُهَا ، لِمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=835442رَوَتْهُ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ . وَهَذَا قَوْلُ
مَالِكٍ : وَيُعِينُهَا . وَفِي
أَخْلَاقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَخْصِفُ النَّعْلَ وَيَقُمُّ الْبَيْتَ وَيَخِيطُ الثَّوْبَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835443وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ قِيلَ لَهَا : مَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ .
الْخَامِسَةُ : وَيُنْفِقُ عَلَى خَادِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرَ ; عَلَى قَدْرِ الثَّرْوَةِ وَالْمَنْزِلَةِ . وَهَذَا
[ ص: 132 ] أَمْرٌ دَائِرٌ عَلَى الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ ، فَإِنَّ نِسَاءَ الْأَعْرَابِ وَسُكَّانَ الْبَوَادِي يَخْدُمْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ وَسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ ، وَنِسَاءَ الْحَوَاضِرِ يَخْدُمُ الْمُقِلُّ مِنْهُمْ زَوْجَتَهُ فِيمَا خَفَّ وَيُعِينُهَا ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=11385أَهْلُ الثَّرْوَةِ فَيَخْدُمُونَ أَزْوَاجَهُنَّ وَيَتَرَفَّهْنَ مَعَهُمْ إِذَا كَانَ لَهُمْ مَنْصِبُ ذَلِكَ ; فَإِنْ كَانَ أَمْرًا مُشْكِلًا شَرَطَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ ، فَتُشْهِدُ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا فَالْتَزَمَ إِخْدَامَهَا ، فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ وَتَنْقَطِعُ الدَّعْوَى فِيهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=32285قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَيْ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ .
أَفَبِالْبَاطِلِ يَعْنِي الْأَصْنَامَ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . يُؤْمِنُونَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالْيَاءِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالتَّاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ أَيْ بِالْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=72هُمْ يَكْفُرُونَ .