الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن التصرية عيب لا يوجب الرد ، فلا يخلو حال المشتري عند العقد من أحد أمرين : إما أن يكون عالما بالتصرية أو غير عالم : فإن كان غير عالم بالتصرية فله الرد إذا علم التصرية إلى ثلاثة أيام : لقوله صلى الله عليه وسلم : " فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثا " . واختلف أصحابنا في هذا الخيار على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي حامد المروزي ، أنه خيار شرع : لأنه يمتد بعد العلم بالعيب إلى ثلاثة أيام ولو كان خيار عيب لكان على الفور .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه خيار عيب : لأنه موضوع الكشف ، والتدليس بالتصرية لا يعلم قبل مضي ثلاثة أيام : لأنه إذا حلبها في اليوم الأول لم يعلم بالتصرية لجواز أن يكون لبنها في كل يوم مثله ، فإذا حلبها الحلبة الثانية في اليوم الثاني فرآه ناقصا جاز أن يكون نقصه لأنها مصراة ، وجاز أن يكون نقصه لقلة إمكان أو تغيير مكان ، فإذا حلبها الثالثة في اليوم الثالث فكان ناقصا عن اليوم الأول ، يتيقن حينئذ أنها مصراة ، فلو لم يعلم بالتصرية حتى مضت ثلاثة أيام ثم علم ، فعلى الوجه الأول لا رد له : لأنه قد تقدر بالشرع ، وقلنا فلم يجز أن يثبت بعد ثلاث ، وعلى الوجه الثاني له الرد كما لو علم بغيره من العيوب بعد ثلاث ، وأما إن كان عالما بالتصرية عند العقد فهل يثبت له خيار الرد أم لا على وجهين :

                                                                                                                                            [ ص: 241 ] أحدهما : له الخيار في الرد ، وهذا قول من زعم أنه خيار شرع . والثاني : لا خيار له في الرد ، وهذا قول من زعم أنه خيار عيب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية