الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزو إبراهيم ينال الروم

في هذه السنة غزا إبراهيم ينال الروم ، فظفر بهم وغنم .

وكان سبب ذلك أن خلقا كثيرا من الغز بما وراء النهر قدموا عليه ، فقال لهم : ‏ بلادي تضيق عن مقامكم والقيام بما تحتاجون إليه ، والرأي أن تمضوا إلى غزو الروم ، [ ص: 69 ] وتجاهدوا في سبيل الله وتغنموا ، وأنا سائر على أثركم ، ومساعد لكم على أمركم‏ . ‏ ففعلوا‏ . ‏ وساروا بين يديه وتبعهم ، فوصلوا إلى ملازكرد ، وأرزن الروم ، وقاليقلا ، وبلغوا طرابزون وتلك النواحي كلها ، ولقيهم عسكر عظيم للروم والأبخاز يبلغون خمسين ألفا ، فاقتتلوا واشتد القتال بينهم ، وكانت بينهم عدة وقائع تارة يظفر هؤلاء وتارة هؤلاء ، وكان آخر الأمر الظفر للمسلمين ، فأكثروا القتل في الروم وهزموهم ، وأسروا جماعة كثيرة من بطارقتهم ، وممن أسر قاريط ملك الأبخاز ، فبذل في نفسه ثلاثمائة ألف دينار ، وهدايا بمائة ألف ، فلم يجبه إلى ذلك ، ولم يزل يجوس تلك البلاد وينهبها إلى أن بقي بينه وبين القسطنطينية خمسة عشر يوما ، واستولى المسلمون على تلك النواحي فنهبوها ، وغنموا ما فيها ، وسبوا أكثر من مائة ألف رأس ، وأخذوا من الدواب والبغال والغنائم والأموال ما لا يقع عليه الإحصاء ، وقيل : إن الغنائم حملت على عشرة آلاف عجلة ، وإن في جملة الغنيمة تسعة عشر ألف درع‏ .

وكان قد دخل بلد الروم جمع من الغز يقدمهم إنسان نسيب طغرلبك ، فلم يؤثر كبير أثر ، وقتل من أصحابه جماعة وعاد ، ودخل بعده إبراهيم ينال ففعل هذا الذي ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية