الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            مسألة : رجل تزوج بامرأة ودخل بها ، ثم غاب عنها أكثر من سنة ونصف ، ولم يعلم له مكان ، فأثبتت غيبته على حاكم شافعي ، وعدم النفقة وعدم مال له تصرف لها منه نفقتها ، فخيرها الحاكم بين الإقامة والفسخ ، فاختارت الفسخ ، فأجابها الحاكم وفسخ فهل يجوز هذا الفسخ أم لا ؟ لكون الشهود لا يعلمون مقر الزوج فكيف يعلمون بإعساره ؟ .

            الجواب : قال ابن العماد في كتابه توقيف الحكام على غوامض الأحكام : فرع : إذا تحقق الشهود إعسار الزوج ، ثم غاب مدة طويلة ، وادعت امرأته إعساره جاز لهم أن يشهدوا أنه الآن معسر استصحابا للأصل ، ولا نظر إلى احتمال طروء اليسار - قاله ابن الصلاح في فتاويه ، قال : ولا يكفي الشهود أن يقولوا : نشهد أنه غاب وهو معسر ، بل لا بد أن يشهدوا أنه الآن معسر ، ونظيره الشهادة بالموت على الاستفاضة ، لا يكفي أن يقولوا : سمعنا أنه مات ، بل لا بد أن يقولوا : نشهد أنه مات ، ويجوز لهم الجزم اعتمادا على غلبة الظن ، قال : ونظير ذلك ما لو رأى الشاهد إنسانا أقرض غيره مالا ، ثم غاب عنه مدة طويلة ، يحتمل أنه وفاه فيها ، أو أبرأه فإنه يجوز له أن يشهد للمقرض ببقاء الحق في ذمة المقترض ، ولا نظر إلى احتمال الوفاة ، انتهى كلام ابن العماد ، وحينئذ إذا كان هؤلاء الشهود عرفوا إعساره قبل غيبته ، ثم غاب ولم يعرفوا مقره فشهدوا بأنه معسر الآن فشهادتهم مقبولة ، وفسخ الحاكم المرتب عليها صحيح .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية