الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث عشر : إذا وقع في الكتاب ما ليس منه فإنه ينفى عنه بالضرب، أو الحك، أو المحو، أو غير ذلك . والضرب خير من الحك والمحو .

روينا عن القاضي أبي محمد بن خلاد رحمه الله قال : قال أصحابنا " الحك تهمة ". وأخبرني من أخبر عن القاضي عياض قال : سمعت شيخنا أبا بحر سفيان بن العاص الأسدي يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول : "كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء; لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى ، وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر وحك من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر، وهو إذا خط عليه من رواية الأول وصح عند الآخر اكتفي بعلامة الآخر عليه بصحته ".

ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب :

فروينا عن أبي محمد بن خلاد قال : "أجود الضرب أن لا يطمس المضروب عليه، بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله، ويقرأ من تحته ما خط عليه ".

وروينا عن القاضي عياض ما معناه : أن اختيارات الضابطين اختلفت في الضرب ، فأكثرهم على مد الخط على المضروب عليه مختلطا بالكلمات المضروب عليها، ويسمى ذلك ( الشق) أيضا.

[ ص: 692 ] [ ص: 693 ]

التالي السابق


[ ص: 692 ] [ ص: 693 ] 119 - قوله: (ويسمى ذلك الشق أيضا) انتهى.

الشق بفتح الشين المعجمة وتشديد القاف وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق ولم يذكره الخطيب في الجامع ولا في الكفاية وهو اصطلاح لأهل المغرب، وذكره القاضي عياض في (الإلماع) ومنه أخذه المصنف، وكأنه مأخوذ من الشق وهو الصدع أو من شق العصا وهو التفريق، فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما قبلها وبعدها من الصحيح الثابت بالضرب عليها. والله أعلم.

ويوجد في بعض نسخ علوم الحديث (النشق) بزيادة نون مفتوحة في أوله وسكون الشين، فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبي في حبالته إذا علق فيها، فكأنه إبطال لحركة الكلمة وإهمالها بجعلها في صورة وثاق يمنعها من التصرف. والله أعلم.




الخدمات العلمية