الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة انقطعت الطرق عن العراق لخوف النهب ، فغلت الأسعار ، وكثر الغلاء ، وتعذرت الأقوات وغيرها من كل شيء ، وأكل الناس الميتة ، ولحقهم وباء عظيم ، فكثر الموت حتى دفن الموتى بغير غسل ولا تكفين ، فبيع رطل لحم بقيراط ، ( وأربع دجاجات بدينار ، ورطل شراب بدينار ، وسفرجلة بدينار ) ، ورمانة بدينار ، وكل شيء كذلك .

وكان بمصر أيضا وباء شديد ، فكان يموت في اليوم ألف نفس ، ثم عم ذلك [ ص: 145 ] سائر البلاد من الشام ، والجزيرة ، والموصل ، والحجاز ، واليمن وغيرها .

وفيها في جمادى الأولى ولدت جارية ذخيرة الدين بن الخليفة ، الذي ذكرنا وفاته قبل ، ولدا ذكرا ، ويسمى عبد الله ، وكني أبا القاسم ، وهو المقتدي .

وفيها في العشر الثاني من جمادى الآخرة ، ظهر وقت السحر في السماء ذؤابة بيضاء طولها نحو عشرة أذرع في رأي العين ، وعرضها ذراع ، وبقيت كذلك إلى نصف رجب ، واضمحلت .

وفيها أمر الخليفة بأن يؤذن بالكرخ والمشهد وغيرهما : الصلاة خير من النوم ، وأن يتركوا : حي على خير العمل . ففعلوا ما أمرهم به خوف السلطنة وقوتها .

[ الوفيات ]

وفيها توفي علي بن أحمد بن علي أبو الحسن المؤدب ، المعروف بالفالي ، من أهل مدينة فالة بالقرب من إيذج ، روى الحديث والأدب ، وله شعر حسن ، فمنه قوله :

تصدر للتدريس كل مهوس بليد تسمى بالفقيه المدرس     فحق لأهل العلم أن يتمثلوا
ببيت قديم شاع في كل مجلس     لقد هزلت حتى بدا من هزالها
كلاها وحتى سامها كل مفلس



وفي هذه السنة توفي محمد بن الحسين بن محمد بن السري أبو الحسن البزاز [ ص: 146 ] الموصلي ، ولد بالموصل ، ونشأ ببغداذ ، وروى عن ابن حيويه ، والدارقطني ، وابن بطة وغيرهم ، وكان موته بمصر .

وفيها توفي أميرك الكاتب البيهقي في شوال ، وكان من رجال الدنيا . ومحمد بن عبد الواحد بن عمر بن الميمون الدارمي الفقيه الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية