الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1389 [ ص: 410 ] 41 - باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة .

                                                                                                                                                                                                                              1458 - حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح بن القاسم، عن إسماعيل بن أمية، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذا - رضي الله عنه - على اليمن قال: " إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة [تؤخذ] من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس". [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح: 3 \ 322].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عباس السالف في أول الزكاة، وزاد في آخره: "فإذا أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس". وقد سلف شرحه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله" هو الإقرار بالله وبرسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه الصوم، وقد سلف جوابه هناك، ولا الجهاد لأنه لم يكن يومئذ فرض إلا على من يلي الكفار قاله ابن التين.

                                                                                                                                                                                                                              والكرائم: جمع كريمة، يقال: شاة كريمة أي غزيرة اللبن، ويدخل فيه الربى وهي حديثة العهد بالنتاج، والمسمنة للأكل، والحامل، والجياد اللهم إلا إذا رضي المالك.

                                                                                                                                                                                                                              وروى أحمد، وأبو داود من حديث أبي بن كعب أنه لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقا مر برجل فجمع له ماله، فلم يجد عليه فيه إلا ابنة مخاض، فقال الرجل: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة فتية سمينة فخذها، فأبى أبي بن كعب، وترافعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 411 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك الذي عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك" فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبضها ودعا له في ماله بالبركة .

                                                                                                                                                                                                                              حديث صحيح، وقد صححه ابن حبان والحاكم ، ووهم ابن حزم حيث أعله بجهالة من بان توثيقه .

                                                                                                                                                                                                                              وهو دال على الجواز في باقي الصور، وأبعد بعض أصحابنا فقال: الربى لا تؤخذ; لأنها لقرب عهدها بالولادة مهزولة وهو عجيب وهو ساقط فقد لا تكون كذلك، وقد تكون غير الربى مهزولة، والهزال الذي هو عيب، هو الظاهر البين، وأبعد منه عدم القبول عند التبرع; للنهي عن أخذها وهو عجيب، فإن النهي للإجحاف بالمالك فقط، ومنع داود أخذ الحامل; لأنه عيب، وهو عجيب; لأنه ليس عيبا في البهائم .

                                                                                                                                                                                                                              فرع:

                                                                                                                                                                                                                              لو كانت ماشيته سمينة كلها; طالبناه بسمينة، ونجعل ذلك كشرف [ ص: 412 ] النوع بخلاف ما إذا كانت كلها ماخضة; لأن الحامل قد تتخيل حيوانين.

                                                                                                                                                                                                                              وقد احتج الشافعي لمذهبه في أن السخال يؤخذ منها ما يؤخذ في الكبار بهذا الحديث، فإذا لم يملك كريم مال فلا يكلف شراءه.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن القصار : فيقال له: وكذلك أيضا نهي عن أخذ الدون، وكلف الوسط، وليس إذا كلف الوسط كلف كريم ماله، ألا ترى أنا نرفه رب المال إذا كانت غنمه كرائما كلها ربى ومواخض ولوابن وشاة اللحم والفحل; لئلا نأخذ منها، فكذلك نرفه الفقير; لئلا يأخذ الصغيرة، ويأخذ السن المجعول، وهذا هو العدل بينهم وبين أرباب المواشي-كما قال عمر- رضي الله عنه -.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: مثل هذا لا يقال لمثل هذا الإمام الجبل، فإذا كانت كلها صغارا فلا دون فيها حتى نلزم به هذا الإمام، وقوله: وليس إذا كلف الوسط كلف كريم ماله. عجيب، فإنه تكليف بما لا يجب عليه ولا ملكه ألبتة، وقوله: ألا ترى أنا نرفه رب المال إذا كانت غنمه كلها كراما; لئلا نأخذ منها ممنوع، فإنا نأخذ منها واحدة -كما أسلفناه- وجعلناه لشرف النوع.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية