الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر نسب ألب أرسلان وبعض سيرته .

هو ألب أرسلان محمد بن داود جغري بك بن ميكائيل بن سلجوق ، وكان كريما ، عادلا ، عاقلا ، يسمع السعايات ، واتسع ملكه جدا ، ودان له العالم ، وبحق قيل له سلطان العالم .

وكان رحيم القلب رفيقا بالفقراء ، كثير الدعاء بدوام ما أنعم الله به عليه . اجتاز يوما بمرو على فقراء الخرائين ، فبكى ، وسأل الله تعالى أن يغنيه من فضله .

وكان يكثر الصدقة ، فيتصدق في رمضان بخمسة عشر ألف دينار ، وكان في ديوانه أسماء خلق كثير من الفقراء في جميع ممالكه ، عليهم الإدرارات والصلات ، ولم يكن في جميع بلاده جناية ولا مصادرة ، قد قنع من الرعايا بالخراج الأصلي يؤخذ منهم كل سنة دفعتين رفقا بهم .

وكتب إليه بعض السعاة سعاية في نظام الملك وزيره ، وذكر ما له في ممالكه من الرسوم والأموال ، وتركت على مصلاه ، فأخذها فقرأها ، ثم سلمها إلى نظام الملك [ ص: 233 ] وقال له : خذ هذا الكتاب ، فإن صدقوا في الذي كتبوه فهذب أخلاقك ، وأصلح أحوالك ، وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم واشغلهم بمهم يشتغلون به عن السعاية بالناس .

وهذه حالة لا يذكر عن أحد الملوك أحسن منها .

وكان كثيرا ما يقرأ عليه تواريخ الملوك وآدابهم ، وأحكام الشريعة ، ولما اشتهر بين الملوك حسن سيرته ، ومحافظته على عهوده أذعنوا له بالطاعة والموافقة بعد الامتناع ، وحضروا عنده من أقاصي ما وراء النهر إلى أقصى الشام .

وكان شديد العناية بكف الجند عن أموال الرعية ، بلغه أن بعض خواص مماليكه سلب من بعض الرستاقية إزارا ، فأخذ المملوك وصلبه ، فارتدع الناس عن التعرض إلى مال غيرهم .

ومناقبه كثيرة لا يليق بهذا الكتاب أكثر من هذا القدر منها . وخلف ألب أرسلان من الأولاد : ملكشاه ، وهو صار السلطان بعده ، وإياز ، وتكش ، وبوري برش ، وتتش ، وأرسلان أرغو ، وسارة ، وعائشة ، وبنتا أخرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية