[ ص: 262 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة لما ضرب مثل المؤمن ضرب مثل الكافر . قال
مقاتل : نزلت في
شيبة بن ربيعة بن عبد شمس ، كان يترهب متلمسا للدين ، فلما خرج - صلى الله عليه وسلم - كفر .
أبو سهل : في
أهل الكتاب .
الضحاك : في أعمال الخير للكافر ؛ كصلة الرحم ونفع الجيران . ( والسراب ) : ما يرى نصف النهار في اشتداد الحر ، كالماء في المفاوز يلتصق بالأرض . والآل الذي يكون ضحا كالماء إلا أنه يرتفع عن الأرض حتى يصير كأنه بين الأرض والسماء . وسمي السراب سرابا لأنه يسرب أي يجري كالماء . ويقال : سرب الفحل أي مضى وسار في الأرض . ويسمى الآل أيضا ، ولا يكون إلا في البرية والحر فيغتر به العطشان . قال الشاعر :
فكنت كمهريق الذي في سقائه لرقراق آل فوق رابية صلد
وقال آخر :
فلما كففنا الحرب كانت عهودهم كلمع سراب بالفلا متألق
وقال
امرؤ القيس :
ألم أنض المطي بكل خرق أمق الطول لماع السراب
والقيعة جمع القاع ؛ مثل جيرة وجار ؛ قاله
الهروي ، وقال
أبو عبيدة : قيعة وقاع واحد ؛ حكاه
النحاس . والقاع ما انبسط من الأرض واتسع ولم يكن فيه نبت ، وفيه يكون السراب . وأصل القاع الموضع المنخفض الذي يستقر فيه الماء ، وجمعه قيعان . قال
الجوهري : والقاع المستوي من الأرض ؛ والجمع أقوع ، وأقواع ، وقيعان ، صارت الواو ياء لكسر ما قبلها ؛ والقيعة مثل القاع ، وهو أيضا من الواو . وبعضهم يقول : هو جمع .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39يحسبه الظمآن أي العطشان ماء أي يحسب السراب ماء .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حتى إذا جاءه لم يجده شيئا مما قدره ، ووجد أرضا لا ماء فيها . وهذا مثل ضربه الله تعالى للكفار ، يعولون على ثواب أعمالهم فإذا قدموا على الله تعالى وجدوا ثواب أعمالهم محبطة بالكفر ؛ أي لم يجدوا شيئا كما لم يجد صاحب السراب إلا أرضا لا ماء
[ ص: 263 ] فيها ؛ فهو يهلك أو يموت .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد الله عنده أي وجد الله بالمرصاد .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39فوفاه حسابه أي جزاء عمله . قال
امرؤ القيس :
فولى مدبرا يهوي حثيثا وأيقن أنه لاقى الحسابا
وقيل : وجد وعد الله بالجزاء على عمله . وقيل : وجد أمر الله عند حشره ؛ والمعنى متقارب . وقرئ ( بقيعات )
. المهدوي : ويجوز أن تكون الألف مشبعة من فتحة العين . ويجوز أن تكون مثل رجل عزة وعزهاة ، للذي لا يقرب النساء . ويجوز أن يكون جمع قيعة ، ويكون على هذا بالتاء في الوصل والوقف . وروي عن
نافع ، وأبي جعفر ، وشيبة ( الظمان ) بغير همز ، والمشهور عنهما الهمز ؛ يقال : ظمئ يظمأ ظمأ فهو ظمآن ، وإن خففت الهمزة قلت الظمان وقوله : ( والذين كفروا ) ابتداء ، ( أعمالهم ) ابتداء ثان . والكاف من ( كسراب ) الخبر ، والجملة خبر عن الذين . ويجوز أن تكون ( أعمالهم ) بدلا من ( الذين كفروا ) ؛ أي وأعمال الذين كفروا كسراب ، فحذف المضاف .
[ ص: 262 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ لَمَّا ضَرَبَ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ ضَرَبَ مَثَلَ الْكَافِرِ . قَالَ
مُقَاتِلٌ : نَزَلَتْ فِي
شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، كَانَ يَتَرَهَّبُ مُتَلَمِّسًا لِلدِّينِ ، فَلَمَّا خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَرَ .
أَبُو سَهْلٍ : فِي
أَهْلِ الْكِتَابِ .
الضَّحَّاكُ : فِي أَعْمَالِ الْخَيْرِ لِلْكَافِرِ ؛ كَصِلَةِ الرَّحِمِ وَنَفْعِ الْجِيرَانِ . ( وَالسَّرَابُ ) : مَا يُرَى نِصْفَ النَّهَارِ فِي اشْتِدَادِ الْحَرِّ ، كَالْمَاءِ فِي الْمَفَاوِزِ يَلْتَصِقُ بِالْأَرْضِ . وَالْآلُ الَّذِي يَكُونُ ضُحًا كَالْمَاءِ إِلَّا أَنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنِ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ . وَسُمِّيَ السَّرَابُ سَرَابًا لِأَنَّهُ يَسْرُبُ أَيْ يَجْرِي كَالْمَاءِ . وَيُقَالُ : سَرَبَ الْفَحْلُ أَيْ مَضَى وَسَارَ فِي الْأَرْضِ . وَيُسَمَّى الْآلَ أَيْضًا ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْبَرِّيَّةِ وَالْحَرِّ فَيَغْتَرُّ بِهِ الْعَطْشَانُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَكُنْتُ كَمُهْرِيقِ الَّذِي فِي سِقَائِهِ لِرَقْرَاقِ آلٍ فَوْقَ رَابِيَةٍ صَلْدِ
وَقَالَ آخَرُ :
فَلَمَّا كَفَفْنَا الْحَرْبَ كَانَتْ عُهُودُهُمْ كَلَمْعِ سَرَابٍ بِالْفَلَا مُتَأَلِّقِ
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
أَلَمْ أُنْضِ الْمَطِيَّ بِكُلِّ خَرْقٍ أَمَقِّ الطُّولِ لَمَّاعِ السَّرَابِ
وَالْقِيعَةُ جَمْعُ الْقَاعِ ؛ مِثْلَ جِيرَةٍ وَجَارٍ ؛ قَالَهُ
الْهَرَوِيُّ ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : قِيعَةٌ وَقَاعٌ وَاحِدٌ ؛ حَكَاهُ
النَّحَّاسُ . وَالْقَاعُ مَا انْبَسَطَ مِنَ الْأَرْضِ وَاتَّسَعَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَبْتٌ ، وَفِيهِ يَكُونُ السَّرَابُ . وَأَصْلُ الْقَاعِ الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ الَّذِي يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمَاءُ ، وَجَمْعُهُ قِيعَانُ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَالْقَاعُ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ ؛ وَالْجَمْعُ أَقْوُعٌ ، وَأَقْوَاعٌ ، وَقِيعَانٌ ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا ؛ وَالْقِيعَةُ مِثْلُ الْقَاعِ ، وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْوَاوِ . وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : هُوَ جَمْعٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ أَيِ الْعَطْشَانُ مَاءً أَيْ يَحْسَبُ السَّرَابَ مَاءً .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا مِمَّا قَدَّرَهُ ، وَوَجَدَ أَرْضًا لَا مَاءَ فِيهَا . وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ ، يُعَوِّلُونَ عَلَى ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ فَإِذَا قَدِمُوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجَدُوا ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ مُحْبَطَةً بِالْكُفْرِ ؛ أَيْ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا كَمَا لَمْ يَجِدْ صَاحِبُ السَّرَابِ إِلَّا أَرْضًا لَا مَاءَ
[ ص: 263 ] فِيهَا ؛ فَهُوَ يَهْلِكُ أَوْ يَمُوتُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ أَيْ وَجَدَ اللَّهَ بِالْمِرْصَادِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ أَيْ جَزَاءَ عَمَلِهِ . قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَوَلَّى مُدْبِرًا يَهْوِي حَثِيثًا وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَاقَى الْحِسَابَا
وَقِيلَ : وَجَدَ وَعْدَ اللَّهِ بِالْجَزَاءِ عَلَى عَمَلِهِ . وَقِيلَ : وَجَدَ أَمْرَ اللَّهِ عِنْدَ حَشْرِهِ ؛ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ . وَقُرِئَ ( بِقِيعَاتٍ )
. الْمَهْدَوِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مُشْبَعَةً مِنْ فَتْحَةِ الْعَيْنِ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ رَجُلِ عِزْةٍ وَعِزْهَاةٍ ، لِلَّذِي لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ قِيعَةٍ ، وَيَكُونَ عَلَى هَذَا بِالتَّاءِ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ . وَرُوِيَ عَنْ
نَافِعٍ ، وَأَبِي جَعْفَرٍ ، وَشَيْبَةَ ( الظَّمَانُ ) بِغَيْرِ هَمْزٍ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الْهَمْزُ ؛ يُقَالُ : ظَمِئَ يَظْمَأُ ظَمَأً فَهُوَ ظَمْآنُ ، وَإِنْ خَفَّفْتَ الْهَمْزَةَ قُلْتَ الظَّمَانُ وَقَوْلُهُ : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) ابْتِدَاءٌ ، ( أَعْمَالُهُمْ ) ابْتِدَاءٌ ثَانٍ . وَالْكَافُ مِنْ ( كَسَرَابٍ ) الْخَبَرُ ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنِ الَّذِينَ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ( أَعْمَالَهُمْ ) بَدَلًا مِنَ ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) ؛ أَيْ وَأَعْمَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَسَرَابٍ ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ .