قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات في بحر لجي ضرب تعالى مثلا آخر للكفار أي أعمالهم كسراب بقيعة أو كظلمات . قال
الزجاج : إن شئت مثل بالسراب ، وإن شئت مثل بالظلمات ف ( أو ) للإباحة حسبما تقدم من القول في ( أو كصيب ) . وقال
الجرجاني : الآية الأولى في ذكر أعمال الكفار ، والثانية في ذكر كفرهم ونسق الكفر على أعمالهم لأن الكفر أيضا من أعمالهم وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يخرجهم من الظلمات إلى النور أي من الكفر إلى الإيمان ، وقال
أبو علي :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات أو كذي ظلمات ؛ ودل على هذا المضاف قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده فالكناية تعود إلى المضاف المحذوف . قال
القشيري : فعند
الزجاج التمثيل وقع لأعمال الكفار ، وعند
الجرجاني لكفر الكافر ، وعند
أبي علي للكافر . وقال
ابن عباس في رواية : هذا مثل قلب الكافر .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40في بحر لجي قيل : هو منسوب اللجة ، وهو الذي لا يدرك قعره . واللجة معظم الماء ، والجمع لجج . والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه ؛
[ ص: 264 ] ومنه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
من ركب البحر إذا التج فقد برئت منه الذمة . والتج الأمر إذا عظم واختلط . وقوله تعالى : ( حسبته لجة ) أي ما له عمق . ولججت السفينة أي خاضت اللجة ( بضم اللام ) . فأما اللجة ( بفتح اللام ) فأصوات الناس يقول : سمعت لجة الناس ؛ أي أصواتهم وصخبهم . قال
أبو النجم :
في لجة أمسك فلانا عن فل
والتجت الأصوات أي اختلطت وعظمت .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يغشاه موج أي يعلو ذلك البحر اللجي موج .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه موج أي من فوق الموج موج ، ومن فوق هذا الموج الثاني سحاب ؛ فيجتمع خوف الموج وخوف الريح وخوف السحاب . وقيل : المعنى يغشاه موج من بعده موج ؛ فيكون المعنى : الموج يتبع بعضه بعضا حتى كأن بعضه فوق بعض ، وهو أخوف ما يكون إذا توالى موجه وتقارب ، ومن فوق هذا الموج سحاب . وهو أعظم للخوف من وجهين : أحدهما : أنه قد غطى النجوم التي يهتدى بها . الثاني : الريح التي تنشأ مع السحاب والمطر الذي ينزل منه .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات بعضها فوق بعض قرأ
ابن محيصن ، والبزي ، عن
ابن كثير ( سحاب ظلمات ) بالإضافة والخفض . قنبل ( سحاب ) منونا ( ظلمات ) بالجر والتنوين . الباقون بالرفع والتنوين . قال
المهدوي : من قرأ ( من فوقه سحاب ظلمات ) بالإضافة فلأن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات فأضيف إليها ؛ كما يقال : سحاب رحمة ، إذا ارتفع في وقت المطر . ومن قرأ ( سحاب ظلمات ) جر ( ظلمات ) على التأكيد ل ( ظلمات ) الأولى أو البدل منها . و ( سحاب ) ابتداء ، و ( من فوقه ) الخبر . ومن قرأ ( سحاب ظلمات ) فظلمات خبر ابتداء محذوف ؛ التقدير : هي ظلمات أو هذه ظلمات . قال
ابن الأنباري :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه موج غير تام ؛ لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه سحاب صلة للموج ، والوقف على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه سحاب حسن ، ثم تبتدئ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات بعضها فوق بعض على معنى هي ظلمات بعضها فوق بعض . وروي عن
أهل مكة أنهم قرءوا ( ظلمات ) على معنى أو كظلمات ظلمات بعضها فوق بعض ؛ فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على السحاب . ثم قيل : المراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب ، وظلمة الموج ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر ؛ فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا . وقيل : المراد بالظلمات الشدائد ؛ أي شدائد بعضها فوق بعض . وقيل : أراد بالظلمات أعمال الكافر ، وبالبحر اللجي قلبه ، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل ، والشك ، والحيرة ، وبالسحاب الرين ، والختم ، والطبع على قلبه . روي معناه عن
ابن عباس وغيره ؛ أي لا يبصر بقلبه
[ ص: 265 ] نور الإيمان ، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها . وقال
أبي بن كعب : الكافر يتقلب في خمس من الظلمات : كلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار وبئس المصير .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده يعني الناظر .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لم يكد يراها أي من شدة الظلمات . قال
الزجاج ، وأبو عبيدة : المعنى لم يرها ولم يكد ؛ وهو معنى قول
الحسن . ومعنى لم يكد لم يطمع أن يراها . وقال
الفراء : كاد صلة ، أي لم يرها ؛ كما تقول : ما كدت أعرفه . وقال
المبرد : يعني لم يرها إلا من بعد الجهد ؛ كما تقول : ما كدت أراك من الظلمة ، وقد رآه بعد يأس وشدة . وقيل : معناه قرب من الرؤية ، ولم ير كما يقال : كاد العروس يكون أميرا وكاد النعام يطير ، وكاد المنتعل يكون راكبا .
النحاس : وأصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها ، فإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا نورا يهتدي به حين أظلمت عليه الأمور . وقال
ابن عباس : أي من لم يجعل الله له دينا فما له من دين ، ومن لم يجعل الله له نورا يمشي به يوم القيامة لم يهتد إلى الجنة ؛ كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28ويجعل لكم نورا تمشون به . وقال
الزجاج : ذلك في الدنيا والمعنى : من لم يهده الله لم يهتد . وقال
مقاتل بن سليمان : نزلت في
عتبة بن ربيعة ، كان يلتمس الدين في الجاهلية ، ولبس المسوح ، ثم كفر في الإسلام .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : في
شيبة بن ربيعة ، وكان يترهب في الجاهلية ويلبس الصوف ويطلب الدين ، فكفر في الإسلام .
قلت : وكلاهما مات كافرا ، فلا يبعد أن يكونا هما المراد بالآية وغيرهما . وقد قيل : نزلت في
عبد الله بن جحش ، وكان أسلم وهاجر إلى أرض
الحبشة ثم تنصر بعد إسلامه . وذكر
الثعلبي : وقال
أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
إن الله تعالى خلقني من نور ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة من نور أبي بكر ، وخلق المؤمنين من أمتي من نور عمر ، وخلق المؤمنات من أمتي من نور عائشة ، فمن لم يحبني ، ويحب أبا بكر ، وعمر ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة فما له من نور . فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ضَرَبَ تَعَالَى مَثَلًا آخَرَ لِلْكُفَّارِ أَيْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ أَوْ كَظُلُمَاتٍ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : إِنْ شِئْتَ مَثِّلْ بِالسَّرَابِ ، وَإِنْ شِئْتَ مَثِّلْ بِالظُّلُمَاتِ فَ ( أَوْ ) لِلْإِبَاحَةِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ( أَوْ كَصَيِّبٍ ) . وَقَالَ
الْجُرْجَانِيُّ : الْآيَةُ الْأُولَى فِي ذِكْرِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي ذِكْرِ كُفْرِهِمْ وَنُسِقَ الْكُفْرُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ لِأَنَّ الْكُفْرَ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أَيْ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ ، وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ أَوْ كَذِي ظُلُمَاتٍ ؛ وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمُضَافِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ فَالْكِنَايَةُ تَعُودُ إِلَى الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فَعِنْدَ
الزَّجَّاجِ التَّمْثِيلُ وَقَعَ لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ ، وَعِنْدَ
الْجُرْجَانِيِّ لِكُفْرِ الْكَافِرِ ، وَعِنْدَ
أَبِي عَلِيٍّ لِلْكَافِرِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ : هَذَا مَثَلُ قَلْبِ الْكَافِرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ قِيلَ : هُوَ مَنْسُوبُ اللُّجَّةِ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ قَعْرُهُ . وَاللُّجَّةُ مُعْظَمُ الْمَاءِ ، وَالْجَمْعُ لُجَجٍ . وَالْتَجَّ الْبَحْرُ إِذَا تَلَاطَمَتْ أَمْوَاجُهُ ؛
[ ص: 264 ] وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ إِذَا الْتَجَّ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ . وَالْتَجَّ الْأَمْرُ إِذَا عَظُمَ وَاخْتَلَطَ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) أَيْ مَا لَهُ عُمْقٌ . وَلَجَّجَتِ السَّفِينَةُ أَيْ خَاضَتِ اللُّجَّةَ ( بِضَمِّ اللَّامِ ) . فَأَمَّا اللَّجَّةُ ( بِفَتْحِ اللَّامِ ) فَأَصْوَاتُ النَّاسِ يَقُولُ : سَمِعْتُ لَجَّةَ النَّاسِ ؛ أَيْ أَصْوَاتَهُمْ وَصَخَبَهُمْ . قَالَ
أَبُو النَّجْمِ :
فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عَنْ فُلِ
وَالْتَجَّتِ الْأَصْوَاتُ أَيِ اخْتَلَطَتْ وَعَظُمَتْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يَغْشَاهُ مَوْجٌ أَيْ يَعْلُو ذَلِكَ الْبَحْرَ اللُّجِّيَّ مَوْجٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ أَيْ مِنْ فَوْقِ الْمَوْجِ مَوْجٌ ، وَمِنْ فَوْقِ هَذَا الْمَوْجِ الثَّانِي سَحَابٌ ؛ فَيَجْتَمِعُ خَوْفُ الْمَوْجِ وَخَوْفُ الرِّيحِ وَخَوْفُ السَّحَابِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ بَعْدِهِ مَوْجٌ ؛ فَيَكُونُ الْمَعْنَى : الْمَوْجُ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا حَتَّى كَأَنَّ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، وَهُوَ أَخْوَفُ مَا يَكُونُ إِذَا تَوَالَى مَوْجُهُ وَتَقَارَبَ ، وَمِنْ فَوْقِ هَذَا الْمَوْجِ سَحَابٌ . وَهُوَ أَعْظَمُ لِلْخَوْفِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ قَدْ غَطَّى النُّجُومَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا . الثَّانِي : الرِّيحُ الَّتِي تَنْشَأُ مَعَ السَّحَابِ وَالْمَطَرُ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ قَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ ، وَالْبَزِّيُّ ، عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ ( سَحَابُ ظُلُمَاتٍ ) بِالْإِضَافَةِ وَالْخَفْضِ . قُنْبُلٌ ( سَحَابٌ ) مُنَوَّنًا ( ظُلُمَاتٍ ) بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ . الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ . قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : مَنْ قَرَأَ ( مِنْ فَوْقِهِ سَحَابُ ظُلُمَاتٍ ) بِالْإِضَافَةِ فَلِأَنَّ السَّحَابَ يَرْتَفِعُ وَقْتَ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ فَأُضِيفَ إِلَيْهَا ؛ كَمَا يُقَالُ : سَحَابُ رَحْمَةٍ ، إِذَا ارْتَفَعَ فِي وَقْتِ الْمَطَرِ . وَمَنْ قَرَأَ ( سَحَابٌ ظُلُمَاتٍ ) جَرَّ ( ظُلُمَاتٍ ) عَلَى التَّأْكِيدِ لِ ( ظُلُمَاتٍ ) الْأُولَى أَوِ الْبَدَلِ مِنْهَا . وَ ( سَحَابٌ ) ابْتِدَاءٌ ، وَ ( مِنْ فَوْقِهِ ) الْخَبَرُ . وَمَنْ قَرَأَ ( سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ ) فَظُلُمَاتٌ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ ؛ التَّقْدِيرُ : هِيَ ظُلُمَاتٌ أَوْ هَذِهِ ظُلُمَاتٌ . قَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ غَيْرُ تَامٍّ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ صِلَةٌ لِلْمَوْجِ ، وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ حَسَنٌ ، ثُمَّ تَبْتَدِئُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ عَلَى مَعْنَى هِيَ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ . وَرُوِيَ عَنْ
أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ( ظُلُمَاتٍ ) عَلَى مَعْنَى أَوْ كَظُلُمَاتٍ ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ؛ فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى السَّحَابِ . ثُمَّ قِيلَ : الْمُرَادُ بِهَذِهِ الظُّلُمَاتِ ظُلْمَةُ السَّحَابِ ، وَظُلْمَةُ الْمَوْجِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ؛ فَلَا يُبْصِرُ مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الظُّلُمَاتِ شَيْئًا وَلَا كَوْكَبًا . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالظُّلُمَاتِ الشَّدَائِدُ ؛ أَيْ شَدَائِدُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالظُّلُمَاتِ أَعْمَالَ الْكَافِرِ ، وَبِالْبَحْرِ اللُّجِّيِّ قَلْبَهُ ، وَبِالْمَوْجِ فَوْقَ الْمَوْجِ مَا يَغْشَى قَلْبَهُ مِنَ الْجَهْلِ ، وَالشَّكِّ ، وَالْحَيْرَةِ ، وَبِالسَّحَابِ الرَّيْنَ ، وَالْخَتْمَ ، وَالطَّبْعَ عَلَى قَلْبِهِ . رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ؛ أَيْ لَا يُبْصِرُ بِقَلْبِهِ
[ ص: 265 ] نُورَ الْإِيمَانِ ، كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الظُّلُمَاتِ فِي الْبَحْرِ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا . وَقَالَ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : الْكَافِرُ يَتَقَلَّبُ فِي خَمْسٍ مِنَ الظُّلُمَاتِ : كَلَامُهُ ظُلْمَةٌ ، وَعَمَلُهُ ظُلْمَةٌ ، وَمُدْخَلُهُ ظُلْمَةٌ ، وَمُخْرَجُهُ ظُلْمَةٌ ، وَمَصِيرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الظُّلُمَاتِ فِي النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ يَعْنِي النَّاظِرَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا أَيْ مِنْ شِدَّةِ الظُّلُمَاتِ . قَالَ
الزَّجَّاجُ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ : الْمَعْنَى لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يَكَدْ ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
الْحَسَنِ . وَمَعْنَى لَمْ يَكَدْ لَمْ يَطْمَعْ أَنْ يَرَاهَا . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : كَادَ صِلَةٌ ، أَيْ لَمْ يَرَهَا ؛ كَمَا تَقُولُ : مَا كِدْتُ أَعْرِفُهُ . وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : يَعْنِي لَمْ يَرَهَا إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْجَهْدِ ؛ كَمَا تَقُولُ : مَا كِدْتُ أَرَاكَ مِنَ الظُّلْمَةِ ، وَقَدْ رَآهُ بَعْدَ يَأْسٍ وَشِدَّةٍ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ قَرُبَ مِنَ الرُّؤْيَةِ ، وَلَمْ يَرَ كَمَا يُقَالُ : كَادَ الْعَرُوسُ يَكُونُ أَمِيرًا وَكَادَ النَّعَامُ يَطِيرُ ، وَكَادَ الْمُنْتَعِلُ يَكُونُ رَاكِبًا .
النَّحَّاسُ : وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يُقَارِبْ رُؤْيَتَهَا ، فَإِذَا لَمْ يُقَارِبْ رُؤْيَتَهَا فَلَمْ يَرَهَا رُؤْيَةً بَعِيدَةً وَلَا قَرِيبَةً .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا نُورًا يَهْتَدِي بِهِ حِينَ أَظْلَمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُورُ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ دِينًا فَمَا لَهُ مِنْ دِينٍ ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى الْجَنَّةِ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْمَعْنَى : مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ لَمْ يَهْتَدِ . وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ : نَزَلَتْ فِي
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، كَانَ يَلْتَمِسُ الدِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَبِسَ الْمُسُوحَ ، ثُمَّ كَفَرَ فِي الْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : فِي
شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَكَانَ يَتَرَهَّبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيَلْبَسُ الصُّوفَ وَيَطْلُبُ الدِّينَ ، فَكَفَرَ فِي الْإِسْلَامِ .
قُلْتُ : وَكِلَاهُمَا مَاتَ كَافِرًا ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَا هُمَا الْمُرَادَ بِالْآيَةِ وَغَيْرَهُمَا . وَقَدْ قِيلَ : نَزَلَتْ فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، وَكَانَ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ
الْحَبَشَةِ ثُمَّ تَنَصَّرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ : وَقَالَ
أَنَسٌ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَنِي مِنْ نُورٍ ، وَخَلَقَ أَبَا بَكْرٍ مِنْ نُورِي ، وَخَلَقَ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ مِنْ نُورِ أَبِي بَكْرٍ ، وَخَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّتِي مِنْ نُورِ عُمَرَ ، وَخَلَقَ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ نُورِ عَائِشَةَ ، فَمَنْ لَمْ يُحِبَّنِي ، وَيُحِبَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ . فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ .