[ ص: 267 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا ذكر من حججه شيئا آخر ؛ أي ألم تر بعيني قلبك .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يزجي سحابا أي يسوق إلى حيث يشاء . والريح تزجي السحاب ، والبقرة تزجي ولدها أي تسوقه . ومنه زجا الخراج يزجو زجاء ( ممدودا ) إذا تيسرت جبايته . وقال
النابغة :
إني أتيتك من أهلي ومن وطني أزجي حشاشة نفس ما بها رمق
وقال أيضا :
أسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليه جامد البرد
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثم يؤلف بينه أي يجمعه عند انتشائه ؛ ليقوى ويتصل ويكثف . والأصل في التأليف الهمز ، تقول : تألف . وقرئ ( يولف ) بالواو تخفيفا . والسحاب واحد في اللفظ ، ولكن معناه جمع ؛ ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وينشئ السحاب . و ( بين ) لا يقع إلا لاثنين فصاعدا ، فكيف جاز بينه ؟ فالجواب أن ( بينه ) هنا لجماعة السحاب ؛ كما تقول : الشجر قد جلست بينه لأنه جمع ، وذكر الكناية على اللفظ ؛ قال معناه
الفراء . وجواب آخر : وهو أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال ( بينه ) لأنه مشتمل على قطع كثيرة ، كما قال :
. . . بين الدخول فحومل
فأوقع ( بين ) على الدخول ، وهو واحد لاشتماله على مواضع . وكما تقول : ما زلت أدور بين
الكوفة لأن
الكوفة أماكن كثيرة ؛ قاله
الزجاج وغيره . وزعم
الأصمعي أن هذا لا يجوز ، وكان يروى :
. . . بين الدخول وحومل
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثم يجعله ركاما أي مجتمعا ، يركب بعضه بعضا ؛ كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=44وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم [ ص: 268 ] . والركم جمع الشيء ؛ يقال منه : ركم الشيء يركمه ركما إذا جمعه وألقى بعضه على بعض . وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع . والركمة الطين المجموع . والركام : الرمل المتراكم . وكذلك السحاب وما أشبهه . ومرتكم الطريق - ( بفتح الكاف ) - جادته .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فترى الودق يخرج من خلاله في الودق قولان : أحدهما : أنه البرق ؛ قاله
أبو الأشهب العقيلي . ومنه قول الشاعر :
أثرنا عجاجة وخرجن منها خروج الودق من خلل السحاب
الثاني : أنه المطر ؛ قاله الجمهور . ومنه قول الشاعر :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
وقال
امرؤ القيس :
فدمعهما ودق وسح وديمة وسكب وتوكاف وتنهملان
يقال : ودقت السحابة فهي وادقة . وودق المطر يدق ودقا ؛ أي قطر . وودقت إليه دنوت منه . وفي المثل : ودق العير إلى الماء ؛ أي دنا منه . يضرب لمن خضع للشيء لحرصه عليه . والموضع مودق . وودقت ودقا استأنست به . ويقال لذات الحافر إذا أرادت الفحل : ودقت تدق ودقا ، وأودقت واستودقت . وأتان ودوق وفرس ودوق ، ووديق أيضا ، وبها وداق . والوديقة : شدة الحر . وخلال جمع خلل ؛ مثل الجبل والجبال ، وهي فرجه ومخارج القطر منه . وقد تقدم في ( البقرة ) أن كعبا قال : إن السحاب غربال المطر ؛ لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض . وقرأ
ابن عباس ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ( من خلله ) على التوحيد . وتقول : كنت في خلال القوم ؛ أي وسطهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وينزل من السماء من جبال فيها من برد قيل : خلق الله في السماء جبالا من برد ، فهو ينزل منها بردا ؛ وفيه إضمار ، أي ينزل من جبال البرد بردا ، فالمفعول محذوف . ونحو هذا قول
الفراء ؛ لأن التقدير عنده : من جبال برد ؛ فالجبال عنده هي البرد . و ( برد ) في موضع خفض ؛ ويجب أن يكون على قوله المعنى : من جبال برد فيها ، بتنوين جبال . وقيل : إن الله تعالى خلق في السماء جبالا فيها برد ؛ فيكون التقدير : وينزل من السماء من جبال فيها برد . و ( من ) صلة . وقيل : المعنى
[ ص: 269 ] وينزل من السماء قدر جبال ، أو مثل جبال من برد إلى الأرض ؛ ف ( من ) الأولى للغاية لأن ابتداء الإنزال من السماء ، والثانية للتبعيض لأن البرد بعض الجبال ، والثالثة لتبيين الجنس لأن جنس تلك الجبال من البرد . وقال
الأخفش : إن ( من ) في الجبال و ( برد ) زائدة في الموضعين ، والجبال والبرد في موضع نصب ؛ أي ينزل من السماء بردا يكون كالجبال . والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء فيكون إصابته نقمة وصرفه نعمة . وقد مضى في ( البقرة ) . و ( الرعد ) أن من قال حين يسمع الرعد : ( سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يكاد سنا برقه أي ضوء ذلك البرق الذي في السحاب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يذهب بالأبصار من شدة بريقه وضوئه . قال
الشماخ :
وما كادت إذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إلا البصير
وقال
امرؤ القيس :
يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط في الذبال المفتل
فالسنا ( مقصور ) ضوء البرق . والسنا أيضا نبت يتداوى به . والسناء من الرفعة ممدود . وكذلك قرأ
طلحة بن مصرف ( سناء ) بالمد على المبالغة من شدة الضوء والصفاء ؛ فأطلق عليه اسم الشرف . قال
المبرد : السنا ( مقصور ) وهو اللمع ؛ فإذا كان من الشرف والحسب فهو ممدود وأصلهما واحد وهو الالتماع . وقرأ
طلحة بن مصرف ( سناء برقه ) قال
أحمد بن يحيى : وهو جمع برقة . قال
النحاس : البرقة المقدار من البرق ، والبرقة المرة الواحدة . وقرأ
الجحدري ، وابن القعقاع ( يذهب بالأبصار ) بضم الياء وكسر الهاء ؛ من الإذهاب ، وتكون الباء في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43بالأبصار صلة زائدة . الباقون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يذهب بالأبصار بفتح الياء والهاء ، والباء للإلصاق . والبرق دليل على تكاثف السحاب ، وبشير بقوة المطر ، ومحذر من نزول الصواعق .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يقلب الله الليل والنهار قيل : تقليبهما أن يأتي بأحدهما بعد الآخر . وقيل : تقليبهما نقصهما وزيادتهما . وقيل : هو تغيير النهار بظلمة السحاب مرة وبضوء الشمس أخرى ؛ وكذا الليل مرة بظلمة السحاب ومرة بضوء القمر ؛ قاله
النقاش . وقيل : تقليبهما باختلاف ما يقدر فيهما من خير وشر ونفع وضر .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إن في ذلك أي في الذي ذكرناه من تقلب الليل والنهار ، وأحوال المطر والصيف والشتاء لعبرة أي اعتبارا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44لأولي الأبصار أي لأهل البصائر من خلقي .
[ ص: 267 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ذَكَرَ مِنْ حُجَجِهِ شَيْئًا آخَرَ ؛ أَيْ أَلَمْ تَرَ بِعَيْنَيْ قَلْبِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يُزْجِي سَحَابًا أَيْ يَسُوقُ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ . وَالرِّيحُ تُزْجِي السَّحَابَ ، وَالْبَقَرَةُ تُزْجِي وَلَدَهَا أَيْ تَسُوقُهُ . وَمِنْهُ زَجَا الْخَرَاجُ يَزْجُو زَجَاءً ( مَمْدُودًا ) إِذَا تَيَسَّرَتْ جِبَايَتُهُ . وَقَالَ
النَّابِغَةُ :
إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ أَهْلِي وَمِنْ وَطَنِي أُزْجِي حُشَاشَةَ نَفْسٍ مَا بِهَا رَمَقُ
وَقَالَ أَيْضًا :
أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ تُزْجِي الشِّمَالُ عَلَيْهِ جَامِدَ الْبَرَدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ أَيْ يَجْمَعُهُ عِنْدَ انْتِشَائِهِ ؛ لِيَقْوَى وَيَتَّصِلَ وَيَكْثُفَ . وَالْأَصْلُ فِي التَّأْلِيفِ الْهَمْزُ ، تَقُولُ : تَأَلَّفَ . وَقُرِئَ ( يُوَلِّفُ ) بِالْوَاوِ تَخْفِيفًا . وَالسَّحَابُ وَاحِدٌ فِي اللَّفْظِ ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ جَمْعٌ ؛ وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وَيُنْشِئُ السَّحَابَ . وَ ( بَيْنَ ) لَا يَقَعُ إِلَّا لِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ، فَكَيْفَ جَازَ بَيْنَهُ ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ( بَيْنَهُ ) هُنَا لِجَمَاعَةِ السَّحَابِ ؛ كَمَا تَقُولُ : الشَّجَرُ قَدْ جَلَسْتُ بَيْنَهُ لِأَنَّهُ جَمْعٌ ، وَذَكَرَ الْكِنَايَةَ عَلَى اللَّفْظِ ؛ قَالَ مَعْنَاهُ
الْفَرَّاءُ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنْ يَكُونَ السَّحَابُ وَاحِدًا فَجَازَ أَنْ يُقَالَ ( بَيْنَهُ ) لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى قِطَعٍ كَثِيرَةٍ ، كَمَا قَالَ :
. . . بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَأُوقِعَ ( بَيْنَ ) عَلَى الدَّخُولِ ، وَهُوَ وَاحِدٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَوَاضِعَ . وَكَمَا تَقُولُ : مَا زِلْتُ أَدُورُ بَيْنَ
الْكُوفَةِ لِأَنَّ
الْكُوفَةَ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ ؛ قَالَهُ
الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ . وَزَعَمَ
الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ ، وَكَانَ يُرْوَى :
. . . بَيْنَ الدَّخُولِ وَحَوْمَلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا أَيْ مُجْتَمِعًا ، يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=44وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ [ ص: 268 ] . وَالرَّكْمُ جَمْعُ الشَّيْءِ ؛ يُقَالُ مِنْهُ : رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُهُ رَكْمًا إِذَا جَمَعَهُ وَأَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ . وَارْتَكَمَ الشَّيْءُ وَتَرَاكَمَ إِذَا اجْتَمَعَ . وَالرُّكْمَةُ الطِّينُ الْمَجْمُوعُ . وَالرُّكَامُ : الرَّمَلُ الْمُتَرَاكِمُ . وَكَذَلِكَ السَّحَابُ وَمَا أَشْبَهَهُ . وَمُرْتَكَمُ الطَّرِيقِ - ( بِفَتْحِ الْكَافِ ) - جَادَّتُهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فِي الْوَدْقِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الْبَرْقُ ؛ قَالَهُ
أَبُو الْأَشْهَبِ الْعُقَيْلِيُّ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَثَرْنَا عَجَاجَةً وَخَرَجْنَ مِنْهَا خُرُوجَ الْوَدْقِ مِنْ خَلَلِ السَّحَابِ
الثَّانِي : أَنَّهُ الْمَطَرُ ؛ قَالَهُ الْجُمْهُورُ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَلَا مُزْنَةَ وَدَقَتْ وَدْقَهَا وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَدَمْعُهُمَا وَدْقٌ وَسَحٌّ وَدِيمَةٌ وَسَكْبٌ وَتَوْكَافٌ وَتَنْهَمِلَانِ
يُقَالُ : وَدَقَتِ السَّحَابَةُ فَهِيَ وَادِقَةٌ . وَوَدَقَ الْمَطَرُ يَدِقُ وَدْقًا ؛ أَيْ قَطَرَ . وَوَدَقْتُ إِلَيْهِ دَنَوْتُ مِنْهُ . وَفِي الْمَثَلِ : وَدَقَ الْعَيْرُ إِلَى الْمَاءِ ؛ أَيْ دَنَا مِنْهُ . يُضْرَبُ لِمَنْ خَضَعَ لِلشَّيْءِ لِحِرْصِهِ عَلَيْهِ . وَالْمَوْضِعُ مَوْدِقٌ . وَوَدَقْتُ وَدْقًا اسْتَأْنَسْتُ بِهِ . وَيُقَالُ لِذَاتِ الْحَافِرِ إِذَا أَرَادَتِ الْفَحْلَ : وَدَقَتْ تَدِقُ وَدْقًا ، وَأَوْدَقَتْ وَاسْتَوْدَقَتْ . وَأَتَانٌ وَدُوقٌ وَفَرَسٌ وَدُوقٌ ، وَوَدِيقٌ أَيْضًا ، وَبِهَا وِدَاقٌ . وَالْوَدِيقَةُ : شِدَّةُ الْحَرِّ . وَخِلَالُ جَمْعُ خَلَلٍ ؛ مِثْلُ الْجَبَلِ وَالْجِبَالِ ، وَهِيَ فُرَجُهُ وَمَخَارِجُ الْقَطْرِ مِنْهُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ( الْبَقْرَةِ ) أَنَّ كَعْبًا قَالَ : إِنَّ السَّحَابَ غِرْبَالُ الْمَطَرِ ؛ لَوْلَا السَّحَابُ حِينَ يَنْزِلُ الْمَاءُ مِنَ السَّمَاءِ لَأُفْسِدَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَالضَّحَّاكُ ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ( مِنْ خَلَلِهِ ) عَلَى التَّوْحِيدِ . وَتَقُولُ : كُنْتُ فِي خِلَالِ الْقَوْمِ ؛ أَيْ وَسَطَهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ قِيلَ : خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ جِبَالًا مِنْ بَرَدٍ ، فَهُوَ يُنْزِلُ مِنْهَا بَرَدًا ؛ وَفِيهِ إِضْمَارٌ ، أَيْ يُنْزِلُ مِنْ جِبَالِ الْبَرَدِ بَرَدًا ، فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ . وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ
الْفَرَّاءِ ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عِنْدَهُ : مِنْ جِبَالٍ بَرَدٍ ؛ فَالْجِبَالُ عِنْدَهُ هِيَ الْبَرَدُ . وَ ( بَرَدٍ ) فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ ؛ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِهِ الْمَعْنَى : مِنْ جِبَالٍ بَرَدٍ فِيهَا ، بِتَنْوِينِ جِبَالٍ . وَقِيلَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِي السَّمَاءِ جِبَالًا فِيهَا بَرَدٌ ؛ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدٌ . وَ ( مِنْ ) صِلَةٌ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى
[ ص: 269 ] وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ قَدْرَ جِبَالٍ ، أَوْ مِثْلَ جِبَالٍ مِنْ بَرَدٍ إِلَى الْأَرْضِ ؛ فَ ( مِنْ ) الْأُولَى لِلْغَايَةِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِنْزَالِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْبَرَدَ بَعْضُ الْجِبَالِ ، وَالثَّالِثَةُ لِتَبْيِينِ الْجِنْسِ لِأَنَّ جِنْسَ تِلْكَ الْجِبَالِ مِنَ الْبَرَدِ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : إِنَّ ( مِنْ ) فِي الْجِبَالِ وَ ( بَرَدٍ ) زَائِدَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ، وَالْجِبَالُ وَالْبَرَدُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ؛ أَيْ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ بَرَدًا يَكُونُ كَالْجِبَالِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ فَيَكُونُ إِصَابَتُهُ نِقْمَةً وَصَرْفُهُ نِعْمَةً . وَقَدْ مَضَى فِي ( الْبَقَرَةِ ) . وَ ( الرَّعْدِ ) أَنَّ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ : ( سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثًا عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الرَّعْدِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ أَيْ ضَوْءُ ذَلِكَ الْبَرْقِ الَّذِي فِي السَّحَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ شِدَّةِ بَرِيقِهِ وَضَوْئِهِ . قَالَ
الشَّمَّاخُ :
وَمَا كَادَتْ إِذَا رَفَعَتْ سَنَاهَا لِيُبْصِرَ ضَوْءَهَا إِلَّا الْبَصِيرُ
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيحُ رَاهِبٍ أَهَانَ السَّلِيطَ فِي الذُّبَالِ الْمُفَتَّلِ
فَالسَّنَا ( مَقْصُورٌ ) ضَوْءُ الْبَرْقِ . وَالسَّنَا أَيْضًا نَبْتٌ يُتَدَاوَى بِهِ . وَالسَّنَاءُ مِنَ الرِّفْعَةِ مَمْدُودٌ . وَكَذَلِكَ قَرَأَ
طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ( سَنَاءُ ) بِالْمَدِّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ مِنْ شِدَّةِ الضَّوْءِ وَالصَّفَاءِ ؛ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّرَفِ . قَالَ
الْمُبَرِّدُ : السَّنَا ( مَقْصُورٌ ) وَهُوَ اللَّمْعُ ؛ فَإِذَا كَانَ مِنَ الشَّرَفِ وَالْحَسَبِ فَهُوَ مَمْدُودٌ وَأَصْلُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الِالْتِمَاعُ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ( سَنَاءُ بُرَقِهِ ) قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى : وَهُوَ جَمْعُ بُرْقَةٍ . قَالَ
النَّحَّاسُ : الْبُرْقَةُ الْمِقْدَارُ مِنَ الْبَرْقِ ، وَالْبَرْقَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ . وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ ، وَابْنُ الْقَعْقَاعِ ( يُذْهِبُ بِالْأَبْصَارِ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ ؛ مِنَ الْإِذْهَابِ ، وَتَكُونُ الْبَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43بِالْأَبْصَارِ صِلَةً زَائِدَةً . الْبَاقُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ ، وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ . وَالْبَرْقُ دَلِيلٌ عَلَى تَكَاثُفِ السَّحَابِ ، وَبَشِيرٌ بِقُوَّةِ الْمَطَرِ ، وَمُحَذِّرٌ مِنْ نُزُولِ الصَّوَاعِقِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قِيلَ : تَقْلِيبُهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ . وَقِيلَ : تَقْلِيبُهُمَا نَقْصُهُمَا وَزِيَادَتُهُمَا . وَقِيلَ : هُوَ تَغْيِيرُ النَّهَارِ بِظُلْمَةِ السَّحَابِ مَرَّةً وَبِضَوْءِ الشَّمْسِ أُخْرَى ؛ وَكَذَا اللَّيْلُ مَرَّةً بِظُلْمَةِ السَّحَابِ وَمَرَّةً بِضَوْءِ الْقَمَرِ ؛ قَالَهُ
النَّقَّاشُ . وَقِيلَ : تَقْلِيبُهُمَا بِاخْتِلَافِ مَا يُقَدَّرُ فِيهِمَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَنَفْعٍ وَضُرٍّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إِنَّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقَلُّبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَحْوَالِ الْمَطَرِ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لَعِبْرَةً أَيِ اعْتِبَارًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44لِأُولِي الْأَبْصَارِ أَيْ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ مِنْ خَلْقِي .