الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5422 [ ص: 274 ] 69 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا طيرة، وخيرها الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  وأبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب بن أبي حمزة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الطب أيضا، عن عبد بن حميد وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وخيرها" أي: خير الطيرة، قال الطيبي: وقد علم أن الطيرة كلها لا خير فيها، فهو كقوله تعالى: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وهو مبني على زعمهم، أو هو من باب قولهم: الصيف خير من الشتاء، أي: الفأل في بابه أبلغ من الطيرة في بابها، ومعنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة هو أن الشخص لو رأى شيئا فظنه حسنا وحرضه على طلب حاجته فليفعل ذلك، وإن رأى ما يعده مشئوما ويمنعه من المضي إلى حاجته فلا يجوز قبوله، بل يمضي لسبيله، فإذا قبل وانتهى عن المضي في طلب حاجته فيه فهو الطيرة؛ لأنها اختصت أن تستعمل في الشؤم، وقال الكرماني: إضافة الخير إلى الطيرة مشعرة بأن الفأل من جملة الطيرة، ثم قال: الإضافة لمجرد التوضيح، فلا يلزم أن يكون منها، وأيضا الطيرة في الأصل أعم من أن يكون في الشر، لكن العرب خصصته بالشر، وقال ابن الأثير: الطيرة بمعنى الجنس، والفأل بمعنى النوع، ومنه الحديث: "أصدق الطيرة الفأل" وقال النووي: الفأل يستعمل فيما يسر وفيما يسوء، والغالب في السرور، والطيرة لا تكون إلا في السوء، وقد تستعمل مجازا في السرور، وقال الخطابي: الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله، والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على ما سواه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قالوا" ويروى: قال.

                                                                                                                                                                                  قوله: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" مثل من خرج من داره لطلب حاجة فسمع شخصا يقول للآخر: يا نجاح، وقال الأصمعي: سألت ابن عون عن الفأل، فقال: هو أن يكون مريضا فيسمع يا سالم، وروى أبو داود من حديث بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث غلاما سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به، وإن كره اسمه رئي كراهة ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإن أعجبه فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رئي كراهة ذلك في وجهه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية