الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2537 [ 1467 ] وعن عبيد الله بن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، قال عبيد الله: قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق.

                                                                                              رواه البخاري (5112)، ومسلم (1415) (57 و 58)، وأبو داود (2074)، والترمذي (1124)، والنسائي ( 6 \ 112 )، وابن ماجه (1883).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: نهى عن الشغار ). الشغار: مصدر: شاغر، يشاغر، شغارا. وهو مفاعلة مما لا يكون إلا بين اثنين. قال بعض علمائنا: إن الشغار كان من أنكحة الجاهلية، يقول: شاغرني وليتي بوليتك؛ أي: عاوضني جماعا بجماع. وقال أبو زيد : شغرت المرأة: رفعت رجليها عند الجماع. قال ابن قتيبة : كل واحد منهما: يشغر: إذا نكح. وأصله: الكلب إذا رفع رجله ليبول. وقيل: إنه مأخوذ من: شغر البلد: إذا بعد. وقيل: من: شغر البلد بمعنى: إذا خلا.

                                                                                              قلت: وتصح ملاحظة هذه المعاني في الحديث، وحمله عليها. لكن منها ما يبعد عن صناعة الاشتقاق. ومنها ما يقرب. وأقربها القول الأول.

                                                                                              ولا خلاف بين العلماء في منع الإقدام عليه، لكن اختلفوا فيما إذا وقع، هل يفسخ أبدا وإن دخل؟ فحكى ابن المنذر ذلك عن الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وهو أحد قولي مالك . أو هل يصح وإن لم يدخل؟ وهو قول عطاء ، وعمرو بن دينار ، ومكحول ، والثوري ، والزهري ، وأصحاب الرأي قالوا: يصح [ ص: 111 ] ويرجع فيه إلى صداق المثل. وهل يفسخ قبل ويفوت بالدخول ويثبت بعد؟ وهو قول الأوزاعي ، وأحد قولي مالك .

                                                                                              وموجب هذا الخلاف: اختلافهم في: هل هذا النهي راجع لعين العقد؛ فيكون فاسدا أبدا؛ لأن كل واحد من الزوجين معقود عليه، ومعقود به. وهما متناقضان؟ أو هو راجع إلى إخلاء العقد من الصداق؟ وهو أمر يتدارك بفرض صداق المثل، كنكاح التفويض؟ وأما وجه الفرق فهو: أن إيقاع العقد على غير الوجه المنهي عنه ممكن قبل الدخول فيفسخ، فيستأنفان عقدا جائزا. فأما إذا دخل؛ فقد فات، فيرجع فيه إلى صداق المثل.




                                                                                              الخدمات العلمية