الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2660 [ 1528 ] وعن عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بسرف فقال ابن عباس: هذه زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوا، ولا تزلزلوا، وارفقوا فإنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع، فكان يقسم لثمان، ولا يقسم لواحدة. قال عطاء: التي لا يقسم لها صفية بنت حيي بن أخطب. وكانت آخرهن موتا، ماتت بالمدينة.

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 231 )، والبخاري (5067)، ومسلم (1465) (51) و (52)، والنسائي ( 6 \ 53 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( سرف ): موضع على ستة أميال من مكة . وقيل: سبعة. وقيل: تسعة. وقيل: اثنا عشر ميلا. ولا خلاف: أن ميمونة رضي الله عنها توفيت به. وهي آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتا. قيل: إنها ماتت سنة ثلاث وستين. وقيل: ست وستين. وعلى هذا تكون ميمونة آخرهن موتا. وقيل: سنة إحدى وخمسين، قبل عائشة ؛ لأن عائشة توفيت سنة سبع وخمسين. وقيل: ثمان وخمسين. وعلى هذا فتكون عائشة آخرهن موتا. وأما صفية : فتوفيت سنة خمسين.

                                                                                              وقول عطاء : ( كانت آخرهن موتا، ماتت بالمدينة ) قول مشكل، يلزم عليه وهم؛ وذلك: أنه إن كان أراد ميمونة ؛ فقد وهم في قوله: إنها ماتت بالمدينة . وقد بينا: أنها ماتت بسرف . إلا أن يريد ب ( المدينة ) هنا ( مكة ) وفيه بعد. وإن أراد بها صفية ؛ فقد وهم أيضا؛ لأنها لم تكن آخرهن موتا على ما قدمناه. وقد وهم أيضا في قوله: إن التي لا يقسم لها هي صفية ، فإن المشهور: أن التي لا يقسم لها هي: سودة ، وهبت يومها لعائشة ، كما تقدم.

                                                                                              وقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوا، ولا تزلزلوا، وارفقوا ) كل ذلك تنبيه على ما يجب من احترام أزواجه صلى الله عليه وسلم لعظيم رتبتهن، وشرف منزلتهن، كما قدمناه.

                                                                                              وقد تقدم لنا القول في وجه خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة النساء، وأبدينا هنالك فوائد كثرة النساء في أول كتاب النكاح، ونزيد هنا نكتة نبه عليها أبو سليمان الخطابي بكلام معناه: إن الله تعالى اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم من الأمور أفضلها، وأكملها، وجمع له من الفضائل التي تزداد بها نفوس [ ص: 213 ] العرب جلالة، وفخامة. وكانت العرب تتفاخر بقوة النكاح، وكان صلى الله عليه وسلم من قوة البنية، واعتدال المزاج، وكمال الخلقة على نهايتها، على ما شهدت به الأخبار. ومن كان بهذه الصفة؛ كانت دواعي هذا الباب أغلب عليه، وكان من عداها منسوبا إلى نقص الجبلة، وضعف النحيزة، فأبيح له الزيادة على أربع لاحتياجه إلى ذلك. وأيضا: فلقوته على العدل بينهن. ولما لم يكن غيره كذلك: قصر على أربع، والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية