الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3003 [ 1693 ] وعن أبي هريرة قال: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، فأغلظ له، فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن لصاحب الحق مقالا". فقال لهم: "اشتروا له سنا فأعطوه إياه". فقالوا: إنا لا نجد إلا سنا هو خير من سنه؟ قال: "فاشتروه فأعطوه إياه، فإن من خيركم أو خيركم أحسنكم قضاء".

                                                                                              رواه البخاري (2392)، ومسلم (1601)، والترمذي (1316)، والنسائي ( 7 \ 291 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين، فأغلظ له ) هذا الرجل كان من اليهود ، فإنهم كانوا أكثر من يعامل بالدين. وحكي: أن القول الذي قاله، إنما هو: إنكم يا بني عبد المطلب مطل. وكذب اليهودي؛ لم يكن هذا معروفا من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعمامه. بل المعروف منهم: الكرم، والوفاء، والسخاء. وبعيد أن يكون هذا القائل مسلما؛ إذ مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أذى للنبي صلى الله عليه وسلم وأذاه كفر.

                                                                                              و (قوله: فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) أي: بأخذه ليقام عليه الحكم.

                                                                                              و (قوله لأصحابه: دعوه ) دليل: على حسن خلقه، وحلمه، وقوة صبره على الجفاء مع القدرة على الانتقام.

                                                                                              و (قوله صلى الله عليه وسلم: إن لصاحب الحق مقالا ) يعني به: صولة الطلب، وقوة الحجة، لكن على من يمطل، أو يسيء المعاملة. وأما من أنصف من نفسه: فبذل [ ص: 510 ] ما عنده، واعتذر عما ليس عنده، فيقبل عذره، ولا تجوز الاستطالة عليه، ولا كهره.

                                                                                              و (قوله: اشتروا له سنا فأعطوه إياه ) دليل على أن هذا الحديث قضية أخرى غير قضية حديث أبي رافع . فإن ذلك الحديث يقتضي: أنه أعطاه من إبل الصدقة، وهذا اشتري له.

                                                                                              وفيه دليل: على صحة الوكالة في القضاء.

                                                                                              وفيه: جواز الزيادة فيه. وقد تقدم تفصيله، وذكر الخلاف فيه.

                                                                                              و (قوله: خيركم أحسنكم قضاء ) هذا هو اللفظ الفصيح الحسن. وقد روي: (أحاسنكم) وهو جمع: أحسن. ذهبوا به مذهب الأسماء، كأحمد ، وأحامد . وقد وقع في "الأم" في بعض طرقه: (محاسنكم) بالميم، وكأنه جمع: محسن، كمطلع ومطالع. وفيه بعد. وأحسنها الأول، والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية