الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2542 [ 1470 ] وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج".

                                                                                              رواه البخاري (2721)، ومسلم (1418)، وأبو داود (2139)، والترمذي (1127)، والنسائي ( 6 \ 92 - 93).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج ) لا تدخل في هذا الشروط الفاسدة؛ لأنها لا يستحل بها شيء؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط) فإذا: المراد من الشروط ما كان جائزا، ثم هم على ضربين: ما يرجع إلى الصداق، وما يكون خارجا عنه.

                                                                                              فالأول لا بد من الوفاء به؛ كشورة، ووصيف، وغير ذلك.

                                                                                              والثاني وهو: ما يكون خارجا عنه؛ مثل: ألا يخرجها من بلدها، أو لا يتزوج عليها، أو لا يفرق بينها وبين أولادها، وما أشبه ذلك.

                                                                                              فهذا النوع إن علقه على طلاق أو عتق لزم اتفاقا عند من يقول بتنفيذ الطلاق والعتق المعلقين على التزويج والملك. وهو مشهور مذهب مالك . فإن لم يعلق عليه ذلك؛ فقيل: هو لازم يجبر عليه من أباه للحديث. وقيل: يستحب الوفاء به، ولا يجبر عليه، وهو مذهب مالك .

                                                                                              واختلفوا فيما إذا اشترط المنكح حباء لنفسه غير الصداق، وهو المسمى عند العرب: الحلوان. فقال قوم: هو للمرأة مطلقا. وبه قال عطاء ، وطاوس ، [ ص: 113 ] وعكرمة ، وعمر بن عبد العزيز ، والثوري ، وأبو عبيد .

                                                                                              وقال آخرون: هو لمشترطه. وبه قال علي بن الحسين ، ومسروق ، وشرط عشرة آلاف؛ جعلها في الحج والمساكين لما زوج ابنته. وقيل: هذا مقصور على الأب خاصة للتبسط في مال ولده.

                                                                                              وقال الشافعي : لها مهر مثلها. وقال مالك : إن كان هذا الاشتراط في حال العقد، فهو للمرأة لاحق بصداقها. وإن كان بعده فهو لمن وهب له. وفيه تفريع يعرف في كتب أصحابنا.

                                                                                              ويشهد لمذهب مالك ما خرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت على صداق وحباء، أو عدة، قبل عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته) يعني: (لمن أعطيه) المرأة؛ بدليل قوله: (على صداق) فإن الصداق لا يكون إلا للمرأة، وكذلك ما ذكر معه من الحباء والعدة.

                                                                                              و (قوله: أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته...) استئناف كلام يقتضي الحض على إكرام الولي تطييبا لنفسه، والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية