الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1631 حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس شيئا ولا يفطنون به فيعطونه حدثنا مسدد وعبيد الله بن عمر وأبو كامل المعنى قالوا حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله قال ولكن المسكين المتعفف زاد مسدد في حديثه ليس له ما يستغني به الذي لا يسأل ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه فذاك المحروم ولم يذكر مسدد المتعفف الذي لا يسأل قال أبو داود روى هذا الحديث محمد بن ثور وعبد الرزاق عن معمر وجعلا المحروم من كلام الزهري وهو أصح

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ليس المسكين ) : أي المذكور في قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والمعنى : ليس المسكين شرعا المسكين عرفا هو ( الذي ترده ) : عند طوافه على الناس ( والأكلة والأكلتان ) : بضم الهمزة أي اللقمة واللقمتان ، والمعنى أي ليس المسكين من يتردد على الأبواب ويأخذ لقمة ، فإن من فعل هذا ليس بمسكين ؛ لأنه يقدر على تحصيل قوته . والمراد ذم من هذا فعله إذا لم يكن مضطرا . وقال الطيبي : فينبغي أن لا يستحق الزكاة . وقيل ليس المراد نفي استحقاقه بل إثبات المسكنة لغير هذا المتعارف بالمسكنة وإثبات استحقاقه أيضا كذا في المرقاة .

                                                                      قال النووي : معناه المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها ليس هو هذا الطواف ، وليس معناه نفي أصل المسكنة عنه بل معناه نفي كمال المسكنة ( ولكن المسكين الذي ) : هو أحق بالصدقة الذي ( ولا يفطنون به ) : من باب نصر وكرم وفرح كذا في القاموس . أي لا يعلم أنه محتاج ( فيعطونه ) : والحديث فيه دليل على أن المسكين [ ص: 31 ] هو الجامع بين عدم الغنى وعدم تفطن الناس له لما يظن به لأجل تعففه وتظهره بصورة الغني من عدم الحاجة ، ومع هذا فهو مستعفف عن السؤال . وقد استدل به من يقول إن الفقير أسوأ حالا من المسكين ، وإن المسكين الذي له شيء لكنه لا يكفيه والفقير الذي لا شيء له ، ويؤيده قوله تعالى : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة يعملون فيها .

                                                                      وإلى هذا ذهب الشافعي والجمهور كما قال في الفتح . وذهب أبو حنيفة إلى أن المسكين دون الفقير واستدل بقوله تعالى : أو مسكينا ذا متربة قالوا : لأن المراد أنه يلصق بالتراب للعري . وقال ابن القاسم وأصحاب مالك : إنهما سواء وروي عن أبي يوسف ورجحه الجلال ، قال : لأن المسكنة لازمة للفقر إذ ليس معناها الذل والهوان فإنه ربما كان بغنى النفس أعز من الملوك الأكابر ، بل معناها العجز عن إدراك المطالب الدنيوية ، والعاجز ساكن عن الانتهاض إلى مطالبه انتهى . قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي من عطاء بن يسار عن أبي هريرة .

                                                                      ( وأبو كامل ) : هو فضيل بن حسين الجحدري البصري شيخ أبي داود ، وأما أبو كامل مظفر بن مدرك فهو شيخ شيخ أبي داود ( مثله ) : ولفظ النسائي حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان ، قالوا : فما المسكين يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يجد غنى ولا يعلم الناس حاجته فيتصدق عليه ( فذاك المحروم ) : المذكور في قوله تعالى : وفي أموالهم حق للسائل والمحروم .




                                                                      الخدمات العلمية