الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1991 حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين عمرة في ذي القعدة وعمرة في شوال [ ص: 364 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 364 ] ( اعتمر عمرتين ) : وروى سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام عن أبيه ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر عمرتين في ذي القعدة وعمرة في شوال . قال الحافظ : إسناده قوي . وقد رواه مالك عن هشام عن أبيه مرسلا . لكن قولها : في شوال مغاير لقول غيرها في ذي القعدة ، ويجمع بينهما بأن يكون وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة ، ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة ، انتهى . وقال الحافظ ابن القيم : وظن بعض الناس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في سنة مرتين ، واحتج بما أخرجه أبو داود عن عائشة قالوا : وليس المراد بها ذكر مجموع ما اعتمره فإن أنسا وعائشة وابن عباس وغيرهم قد قالوا : إنه اعتمر أربع عمر ، فعلم أن مرادها به أنه اعتمر في سنة مرتين مرة في ذي القعدة ومرة في شوال . قال ابن القيم : وهذا الحديث وهم - وإن كان محفوظا عنها - فإن هذا لم يقع قط فإنه اعتمر أربع عمر بلا ريب : العمرة الأولى كانت في ذي القعدة ، عمرة الحديبية ، ثم لم يعتمر إلا في العام القابل عمرة القضية في ذي القعدة ، ثم رجع إلى المدينة ولم يخرج إلى مكة حتى فتحها سنة ثمان في رمضان ، ولم يعتمر ذلك العام ، ثم خرج إلى حنين وهزم الله أعداءه فرجع إلى مكة وأحرم بعمرة ، وكان ذلك في ذي القعدة - كما قال أنس وابن عباس - فمتى اعتمر في شوال ولكن لقي العدو في شوال ، وخرج فيه من مكة وقضى عمرته لما فرغ من أمر العدو في ذي القعدة ليلا ، ولم يجمع ذلك العام بين عمرتين ولا قبله ولا بعده ، انتهى . قال ابن القيم : وقولها اعتمر في شوال - إن [ ص: 365 ] كان هذا محفوظا - فلعله في عمرة الجعرانة حين خرج في شوال ولكن إنما أحرم بها في ذي القعدة ، وكذا قاله شيخ مشايخنا محمد إسحاق المحدث الدهلوي فقال : قولها : عمرة في شوال هذه إشارة إلى عمرة الجعرانة التي وقعت في ذي القعدة ، لكن لما كان خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين في شوال ، وكان بعد رجوعه من حنين وقوع هذه العمرة في هذه السنة في هذا السفر نسبتها إلى شوال ، وإن كانت في ذي القعدة ، انتهى .

                                                                      والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية