قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور .
nindex.php?page=treesubj&link=29005قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا لما بطروا وطغوا وسئموا الراحة ولم يصبروا على العافية تمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة ; كقول بني إسرائيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها الآية .
وكالنضر بن الحارث حين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فأجابه الله تبارك وتعالى ، وقتل يوم
بدر بالسيف صبرا ; فكذلك هؤلاء تبددوا في الدنيا ومزقوا كل ممزق ، وجعل بينهم وبين
الشام فلوات ومفاوز يركبون فيها الرواحل ويتزودون الأزواد . وقراءة العامة ( ربنا ) بالنصب على أنه نداء مضاف ، وهو منصوب لأنه مفعول به ؛ لأن معناه : ناديت ودعوت . ( باعد ) سألوا
[ ص: 262 ] المباعدة في أسفارهم . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن وهشام عن
ابن عامر : ( ربنا ) كذلك على الدعاء ( بعد ) من التبعيد .
النحاس : وباعد وبعد واحد في المعنى ، كما تقول : قارب وقرب . وقرأ
أبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد ابن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=14301ونصر بن عاصم ويعقوب ، ويروى عن
ابن عباس : ( ربنا ) رفعا ( باعد ) بفتح العين والدال على الخبر ، تقديره : لقد باعد ربنا بين أسفارنا ، كأن الله تعالى يقول : قربنا لهم أسفارهم فقالوا أشرا وبطرا : لقد بوعدت علينا أسفارنا . واختار هذه القراءة
أبو حاتم قال : لأنهم ما طلبوا التبعيد إنما طلبوا أقرب من ذلك القرب بطرا وعجبا مع كفرهم . وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر وتروى عن
ابن عباس ( ربنا بعد بين أسفارنا ) بشد العين من غير ألف ، وفسرها
ابن عباس قال : شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم . وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15984سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري ( ربنا بعد بين أسفارنا . ) ربنا نداء مضاف ، ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا : ( بعد بين أسفارنا ) ورفع ( بين ) بالفعل ، أي ، بعد ما يتصل بأسفارنا . وروى
الفراء وأبو إسحاق قراءة سادسة مثل التي قبلها في ضم العين إلا أنك تنصب ( بين ) على ظرف ، وتقديره في العربية : بعد سيرنا بين أسفارنا .
النحاس : وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال إحداها أجود من الأخرى ، كما لا يقال ذلك في أخبار الآحاد إذا اختلفت معانيها ، ولكن خبر عنهم أنهم دعوا ربهم أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا ، وخبر عنهم أنهم لما فعل ذلك بهم خبروا به وشكوا ، كما قال
ابن عباس .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19وظلموا أنفسهم أي بكفرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فجعلناهم أحاديث أي يتحدث بأخبارهم ، وتقديره في العربية : ذوي أحاديث .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19ومزقناهم كل ممزق أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا . قال
الشعبي : فلحقت
الأنصار بيثرب ،
وغسان بالشام ،
والأسد بعمان ،
وخزاعة بتهامة ، وكانت العرب تضرب بهم المثل فتقول : تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ ، أي مذاهب سبأ وطرقها .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور الصبار الذي يصبر عن المعاصي ، وهو تكثير صابر يمدح بهذا الاسم . فإن أردت أنه صبر عن المعصية لم يستعمل فيه إلا صبار عن كذا . شكور لنعمه ; وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=29005قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا لَمَّا بَطِرُوا وَطَغَوْا وَسَئِمُوا الرَّاحَةَ وَلَمْ يَصْبِرُوا عَلَى الْعَافِيَةِ تَمَنَّوْا طُولَ الْأَسْفَارِ وَالْكَدْحَ فِي الْمَعِيشَةِ ; كَقَوْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا الْآيَةَ .
وَكَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ حِينَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَقُتِلَ يَوْمَ
بَدْرٍ بِالسَّيْفِ صَبْرًا ; فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ تَبَدَّدُوا فِي الدُّنْيَا وَمُزِّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ ، وَجُعِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الشَّامِ فَلَوَاتٌ وَمَفَاوِزُ يَرْكَبُونَ فِيهَا الرَّوَاحِلَ وَيَتَزَوَّدُونَ الْأَزْوَادَ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ ( رَبَّنَا ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ نِدَاءٌ مُضَافٌ ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : نَادَيْتُ وَدَعَوْتُ . ( بَاعِدْ ) سَأَلُوا
[ ص: 262 ] الْمُبَاعَدَةَ فِي أَسْفَارِهِمْ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَهِشَامٌ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ : ( رَبَّنَا ) كَذَلِكَ عَلَى الدُّعَاءِ ( بَعِّدْ ) مِنَ التَّبْعِيدِ .
النَّحَّاسُ : وَبَاعِدْ وَبَعِّدْ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى ، كَمَا تَقُولُ : قَارِبْ وَقَرِّبْ . وَقَرَأَ
أَبُو صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=12691وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ nindex.php?page=showalam&ids=14301وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبُ ، وَيُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : ( رَبُّنَا ) رَفْعًا ( بَاعَدَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ عَلَى الْخَبَرِ ، تَقْدِيرُهُ : لَقَدْ بَاعَدَ رَبُّنَا بَيْنَ أَسْفَارِنَا ، كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : قَرَّبْنَا لَهُمْ أَسْفَارَهُمْ فَقَالُوا أَشَرًا وَبَطَرًا : لَقَدْ بُوعِدَتْ عَلَيْنَا أَسْفَارُنَا . وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ
أَبُو حَاتِمٍ قَالَ : لِأَنَّهُمْ مَا طَلَبُوا التَّبْعِيدَ إِنَّمَا طَلَبُوا أَقْرَبَ مِنْ ذَلِكَ الْقُرْبِ بَطَرًا وَعَجَبًا مَعَ كُفْرِهِمْ . وَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ وَتُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ( رَبَّنَا بَعِّدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) بِشَدِّ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ ، وَفَسَّرَهَا
ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : شَكَوْا أَنَّ رَبَّهُمْ بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِهِمْ . وَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15984سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَخِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ( رَبَّنَا بَعِّدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا . ) رَبَّنَا نِدَاءٌ مُضَافٌ ، ثُمَّ أَخْبَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا : ( بَعُدَ بَيْنُ أَسْفَارِنَا ) وَرُفِعَ ( بَيْنُ ) بِالْفِعْلِ ، أَيْ ، بَعُدَ مَا يَتَّصِلُ بِأَسْفَارِنَا . وَرَوَى
الْفَرَّاءُ وَأَبُو إِسْحَاقُ قِرَاءَةً سَادِسَةً مِثْلَ الَّتِي قَبْلَهَا فِي ضَمِّ الْعَيْنِ إِلَّا أَنَّكَ تَنْصِبُ ( بَيْنَ ) عَلَى ظَرْفٍ ، وَتَقْدِيرُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ : بَعُدَ سَيْرُنَا بَيْنَ أَسْفَارِنَا .
النَّحَّاسُ : وَهَذِهِ الْقِرَاءَاتُ إِذَا اخْتَلَفَتْ مَعَانِيهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إِحْدَاهَا أَجْوَدُ مِنَ الْأُخْرَى ، كَمَا لَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ إِذَا اخْتَلَفَتْ مَعَانِيهَا ، وَلَكِنْ خُبِّرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ دَعَوْا رَبَّهُمْ أَنْ يُبْعِدَ بَيْنَ أَسْفَارِهِمْ بَطَرًا وَأَشَرًا ، وَخُبِّرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِمْ خَبَّرُوا بِهِ وَشَكَوْا ، كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَيْ بِكُفْرِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ أَيْ يُتَحَدَّثُ بِأَخْبَارِهِمْ ، وَتَقْدِيرُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ : ذَوِي أَحَادِيثَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أَيْ لَمَّا لَحِقَهُمْ مَا لَحِقَهُمْ تَفَرَّقُوا وَتَمَزَّقُوا . قَالَ
الشَّعْبِيُّ : فَلَحِقَتِ
الْأَنْصَارُ بِيَثْرِبَ ،
وَغَسَّانُ بِالشَّامِ ،
وَالْأَسْدُ بِعُمَانَ ،
وَخُزَاعَةُ بِتِهَامَةَ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَضْرِبُ بِهِمُ الْمَثَلَ فَتَقُولُ : تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبَأٍ وَأَيَادِي سَبَأٍ ، أَيْ مَذَاهِبَ سَبَأٍ وَطُرُقَهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ الصَّبَّارُ الَّذِي يَصْبِرُ عَنِ الْمَعَاصِي ، وَهُوَ تَكْثِيرُ صَابِرٍ يُمْدَحُ بِهَذَا الِاسْمِ . فَإِنْ أَرَدْتَ أَنَّهُ صَبَرَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ إِلَّا صَبَّارٌ عَنْ كَذَا . شَكُورٌ لِنِعَمِهِ ; وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي ( الْبَقَرَةِ ) .