الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3107 (5) باب

                                                                                              النهي عن الحلف بالطواغي،

                                                                                              ومن حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله

                                                                                              [ 1748 ] عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم.

                                                                                              رواه مسلم (1648)، والنسائي ( 7 \ 7 )، وابن ماجه (2095). [ ص: 624 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 624 ] (5) ومن باب النهي عن الحلف بالطواغي

                                                                                              الطواغي: جمع طاغية، كالروابي: جمع رابية. والدوالي: جمع دالية. وهي مأخوذة من الطغيان، وهو: الزيادة على الحد. ومنه قوله تعالى: إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [الحاقة: 11] أي: زاد. وقد تقدم أن الطواغي، والطواغيت: كل معبود سوى الله تعالى في كتاب الإيمان. وقد تقرر أن اليمين بذلك محرم، ومع ذلك فلا كفارة فيه عند الجمهور لأجل الحلف بها، ولا لأجل الحنث فيها.

                                                                                              أما الأول؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (من قال: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) ولم يذكر كفارة. ولو كانت لوجب تبيينها لتعين الحاجة لذلك.

                                                                                              وأما الثاني: فليست بيمين منعقدة، ولا مشروعة فيلزم بالحنث فيها الكفارة. وقد شذ بعض الأئمة وتناقض، فيما إذا قال: أشرك بالله، أو اكفر بالله، أو هو يهودي، أو [ ص: 625 ] نصراني، أو بريء من الإسلام، أو من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من القرآن، وما أشبه ذلك. فقال: هي أيمان يلزم بها كفارة إذا حنث فيها.

                                                                                              أما شذوذه: فلأنه لا سلف له فيه من الصحابة، ولا موافق له من أئمة الفتوى فيما أعلم. وأما تناقضه: فلأنه قال: لو قال: واليهودية، والنصرانية، والنبي، والكعبة ؛ لم يجب عليه كفارة عنده مع أنها على صيغ الأيمان اللغوية، فأوجب الكفارة فيما لا يقال عليه يمين لا لغة ولا شرعا، ولا هو من ألفاظها، ولو عكس لكان أولى، وأمس. ولا حجة له في آية كفارة اليمين؛ إذ تلك الكلمات ليست أيمانا، كما بيناه. ولو سلمنا: أنها أيمان؛ فليست بمنعقدة، فلا يتناولها العموم. ثم يلزم بحكم العموم أن يوجب الكفارة في كل ما يقال عليه يمين لغة، وعرفا، ولم يقل بذلك. والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية