الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لا تجوز شهادتهم ; لأن الشهادة على الشهادة فيها ضرب شبهة من حيث إن الكلام إذا تداولته الألسنة تمكن فيه زيادة ونقصان ولأن الشهادة على الشهادة بدل والأبدال منصوبة للحاجة ولا تقام الحدود بمثله ; لأنها مبنية على الدرء ولا حد على الفروع ; لأنهم ما نسبوا المشهود عليه إلى الزنا إنما حكوا شهادة الأصول بذلك والحاكي للقذف عن غيره لا يكون قاذفا ، فإن قدم الأصول فشهدوا على شهادة أنفسهم على هذا [ ص: 67 ] الرجل بالزنا لا تقبل شهادتهم لوجهين : أحدهما أن العهد قد تطاول والثاني أن الحاكم حكم برد هذه الشهادة ; لأن في الموضع الذي تقبل الشهادة على الشهادة نقبل شهادة الأصول أيضا ففي الموضع الذي ترد أيضا يتعدى رده إلى شهادة الأصول من وجه وذلك شبهة ولا حد على الشهود لتكامل عددهم ، ولأنا إنما لا نقيم الحد على المشهود عليه بنوع شبهة والشبهة تصلح لدرء الحد بها لا لإيجاب الحد .

( قال ) وإن قال الشهود للرجل والمرأة في غير مجلس القاضي نشهد أنكما زانيان وقدموهما إلى القاضي وشهدوا عليهما وقالا : إنهم قد قالوا لنا هذه المقالة قبل أن يرفعونا إليك ، ولنا بذلك بينة لم تقبل شهادتهما على ذلك ولم تسقط شهادتهم به وحد الرجل والمرأة ; لأنهم عدول .

( فإن قيل ) صاروا قاذفين لهما بالنسبة إلى الزنا في غير مجلس القاضي فكانوا متهمين في الشهادة من حيث إنهم قصدوا بها إسقاط الحد .

( قلنا ) إنما كان كذلك ; لأن تكامل العدد كما يمنع من أن يكون كلامهم قذفا في مجلس القاضي فكذلك في غير مجلسه ولأن المقصود من فعلهما الندم معناه أن مقصود الشهود من هذه المقالة في غير مجلس القاضي أنكما زانيان ليظهر الندم ليستروا عليهما أو الإصرار ليشهدوا عليهما ، والشاهد مندوب إلى ذلك ولأن كلامهم الأول موقوف فإذا اتصل به شهادتهم في مجلس القاضي لم يكن قذفا وإلا فحينئذ يكون قذفا

التالي السابق


الخدمات العلمية