الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب القصر لأهل مكة

                                                                      1965 حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحق حدثني حارثة بن وهب الخزاعي وكانت أمه تحت عمر فولدت له عبيد الله بن عمر قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع قال أبو داود حارثة بن خزاعة ودارهم بمكة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أكثر ما كانوا ) : ما مصدرية ومعناه الجمع ، أي أكثر أكوانهم ؛ لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعا ، والمعنى صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين والحال أن الناس كان أكوانهم في ذلك الوقت أكثر من أكوانهم في سائر الأوقات يعني أن الناس كانوا في ذلك [ ص: 346 ] الوقت أكثر مما كانوا في سائر الأوقات . ففي رواية مسلم : والناس أكثر مما كانوا . وفقه الحديث أن القصر ليس مختصا بالخوف ، فإن ذلك الوقت كان وقت أمن ومع ذلك قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقصرنا معه ، فدل على أن القصر ليس بمختص بالخوف . وفي حديث ابن عباس عند الترمذي وصححه النسائي خرج من المدينة إلى مكة لا يخاف إلا الله يصلي ركعتين ، كذا في الشرح . قال الخطابي : ليس في قوله صلى بنا ركعتين دليل على أن المكي يقصر الصلاة بمنى ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مسافرا بمنى فصلى صلاة المسافر ، ولعله لو سأل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن صلاته لأمره بالإتمام ، وقد يترك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بيان بعض الأمور في بعض المواطن اقتصارا على ما تقدم من البيان السابق خصوصا في مثل هذا الأمر الذي هو من العلم الظاهر العام . وكان عمر بن الخطاب يصلي بهم فيقصر فإذا سلم التفت إليهم وقال : أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر . وقد اختلف الناس في هذا ، فقال الشافعي : يقصر الإمام والمسافر معه ويقوم أهل مكة فيتمون لأنفسهم ، وإليه ذهب سفيان الثوري وأحمد بن حنبل ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه . وقد روي ذلك عن عطاء ومجاهد والزهري ، وذهب مالك والأوزاعي وإسحاق إلى أن الإمام إذا قصر قصروا معه وسواء في ذلك أهل مكة وغيرهم ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي بنحوه .




                                                                      الخدمات العلمية