قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما
قوله تعالى : إن هذه أي السورة تذكرة أي موعظة
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا أي طريقا موصلا إلى طاعته وطلب مرضاته . وقيل : سبيلا أي وسيلة . وقيل وجهة
[ ص: 133 ] وطريقا إلى الجنة . والمعنى واحد .
وما تشاؤون أي الطاعة والاستقامة واتخاذ السبيل إلى الله إلا أن يشاء الله فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم ، وأنه لا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم ، إلا أن تتقدم مشيئته . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو ( وما يشاؤون ) بالياء على معنى الخبر عنهم . والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه . وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بالثانية . والأشبه أنه ليس بنسخ ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته . قال
الفراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلا أن يشاء الله جواب لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال : وما تشاؤون ذلك السبيل إلا أن يشاء الله لكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30إن الله كان عليما بأعمالكم حكيما في أمره ونهيه لكم . وقد مضى في غير موضع .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يدخل من يشاء في رحمته أي يدخله الجنة راحما له والظالمين أي ويعذب الظالمين فنصبه بإضمار يعذب . قال
الزجاج : نصب الظالمين لأن قبله منصوبا ; أي يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين أي المشركين ويكون أعد لهم تفسيرا لهذا المضمر ; كما قال الشاعر :
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به
وحدي وأخشى الرياح والمطرا
أي أخشى الذئب أخشاه . قال
الزجاج : والاختيار النصب وإن جاز الرفع ; تقول : أعطيت زيدا وعمرا أعددت له برا ، فيختار النصب ; أي وبررت عمرا أو أبر عمرا . وقوله في (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق ) : ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ) ارتفع لأنه لم يذكر بعده فعل يقع عليه فينصب في المعنى ; فلم يجز العطف على المنصوب قبله فارتفع بالابتداء . وهاهنا قوله : أعد لهم عذابا يدل على ويعذب ، فجاز النصب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان والظالمون رفعا بالابتداء والخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31أعد لهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31عذابا أليما أي مؤلما موجعا . وقد تقدم هذا في سورة ( البقرة ) وغيرها والحمد لله . ختمت السورة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّ هَذِهِ أَيِ السُّورَةُ تَذْكِرَةٌ أَيْ مَوْعِظَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا أَيْ طَرِيقًا مُوَصِّلًا إِلَى طَاعَتِهِ وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ . وَقِيلَ : سَبِيلًا أَيْ وَسِيلَةً . وَقِيلَ وِجْهَةً
[ ص: 133 ] وَطَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ . وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .
وَمَا تَشَاؤُونَ أَيِ الطَّاعَةَ وَالِاسْتِقَامَةَ وَاتِّخَاذَ السَّبِيلِ إِلَى اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ لَيْسَ إِلَيْهِمْ ، وَأَنَّهُ لَا تَنْفُذُ مَشِيئَةُ أَحَدٍ وَلَا تَتَقَدَّمُ ، إِلَّا أَنْ تَتَقَدَّمَ مَشِيئَتُهُ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو ( وَمَا يَشَاؤُونَ ) بِالْيَاءِ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ عَنْهُمْ . وَالْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى مَعْنَى الْمُخَاطَبَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ . وَقِيلَ : إِنَّ الْآيَةَ الْأُولَى مَنْسُوخَةٌ بِالثَّانِيَةِ . وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ ، بَلْ هُوَ تَبْيِينٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : وَمَا تَشَاؤُونَ ذَلِكَ السَّبِيلَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ لَكُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا بِأَعْمَالِكُمْ حَكِيمًا فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ لَكُمْ . وَقَدْ مَضَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ أَيْ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ رَاحِمًا لَهُ وَالظَّالِمِينَ أَيْ وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ فَنَصْبُهُ بِإِضْمَارِ يُعَذِّبُ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : نَصَبَ الظَّالِمِينَ لِأَنَّ قَبْلَهُ مَنْصُوبًا ; أَيْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ أَيِ الْمُشْرِكِينَ وَيَكُونُ أَعَدَّ لَهُمْ تَفْسِيرًا لِهَذَا الْمُضْمَرِ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
أَصْبَحْتُ لَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ وَلَا أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ
وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا
أَيْ أَخْشَى الذِّئْبَ أَخْشَاهُ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَالِاخْتِيَارُ النَّصْبُ وَإِنْ جَازَ الرَّفْعُ ; تَقُولُ : أَعْطَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا أَعْدَدْتُ لَهُ بِرًّا ، فَيُخْتَارُ النَّصْبُ ; أَيْ وَبَرَرْتُ عَمْرًا أَوْ أَبَرُّ عَمْرًا . وَقَوْلُهُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق ) : ( يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ) ارْتَفَعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَهُ فِعْلٌ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيُنْصَبُ فِي الْمَعْنَى ; فَلَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ عَلَى الْمَنْصُوبِ قَبْلَهُ فَارْتَفَعَ بِالِابْتِدَاءِ . وَهَاهُنَا قَوْلُهُ : أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا يَدُلُّ عَلَى وَيُعَذِّبُ ، فَجَازَ النَّصْبُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11795أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَالظَّالِمُونَ رَفْعًا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31أَعَدَّ لَهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31عَذَابًا أَلِيمًا أَيْ مُؤْلِمًا مُوجِعًا . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي سُورَةِ ( الْبَقَرَةِ ) وَغَيْرِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . خُتِمَتِ السُّورَةُ .