الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الخامس : الطيب ، وفي ( الكتاب ) : يكره له شم الطيب ، والتجارة فيه ، وإن لم يمسه ، والمرور في العطارين ومواضع الرياحين من غير فدية ، وقاله ( ش ) و ( ح ) : لقصوره على محل الإجماع الذي هو مس الطيب ، ومن مس الطيب بيده افتدى لصق به أم لا ، لحديث الأعرابي المتقدم ، ولا شيء فيما لصق به من خلوق الكعبة لعموم إصابة الناس ، ولا تخلق الكعبة أيام الحج ، ويقام العطارون من بين الصفا والمروة أيام الحج ، ويكره الغسل بالأشنان المطيب بالريحان من غير فدية ، إلا أن يكون مطيبا بالطيب فيفتدي ، قال سند : الطيب مؤنث كالمسك والورس ففيه الفدية عند الجميع ، ومذكر ينقسم إلى ما يوضع في الدهن كالورد ، وإلى ما لا يوضع كالريحان والمردقوش ، والكل يختلف فيه فعند مالك و ( ح ) لا فدية ، وعند ( ش ) الفدية ; لأن جابرا سئل أيشم المحرم الريحان ؟ فقال : لا لنا : أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سئل عن المحرم أيدخل البستان ؟ قال نعم ، ويشم الريحان والقياس على العصفر والتفاح والفواكه ، وأما الحشائش : كالزنجبيل والشيح والإذخر ونحوه فلا فدية عند الجميع وهو كالتفاح والأترج ، ولا فرق في الفدية بين عضو أو دونه ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : لا بد من عضو كامل كالرأس والفخذ والشارب ; لأنه المعدود تطيبا عادة وهو ممنوع ، وفي ( الكتاب ) : يكره [ ص: 312 ] للمحرم والحلال شرب ما فيه كافور للترف ، فإن شرب المحرم دواء فيه طيب ، وأكل طعاما فيه طيب افتدى ، وإن كان طعاما مسته النار ، قال سند : أما السرف في الكافور في الماء فمحمول على كونه على الثمن . وإلا فتطييب الماء من أغراض العقلاء ، وقد كان الماء يستعذب له عليه السلام من بيوت السقيا ، وبينها وبين المدينة يومان ، وظاهر المذهب : أن الطبخ يبطل حكم الطيب وإن بقيت رائحته ، وقاله ( ح ) واشترط ابن حبيب و ( ش ) ذهاب الريح ، وعدم علوقه باليد والفم . واختلف أصحابنا في التعليل فقال الأبهري ; لأن النار غيرت فعل الطيب ، وقال عبد الوهاب : بالطبخ خرج من كونه طيبا ولحق بالطعام ، فعلى قول الأبهري يؤثر الطبخ بانفراده ، وعلى قول القاضي لا بد من علية الامتزاج ، وأما إذا خلط بطعام أو شراب فإن استهلك فلا أثر له عند الجميع ، وإن لم يستهلك فروي عن مالك لا شيء عليه ، وقال ( ح ) وفي ( الجواهر ) : إذا حمل قرورة مسك مشدودة الرأس فلا فدية ، ويوجب الطيب الفدية عمدا وسهوا وجهلا واضطرارا ، ومن طيب نائما فليزله إذا انتبه فإن خرج افتدى ، وعلى فاعله به الفدية بالنسك أو الطعام دون الصيام ; لتعذر النيابة فيه ، فإن كان معدما افتدى المحرم ، ورجع على الفاعل إذا أيسر بالأقل من ثمن الطعام أو ثمن النسك ، وإن صام لا يرجع عليه بشيء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية