الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به؛ خلافا لقول من نفى ذلك، محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ. وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ.

والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ؛ ولهذا كان الإجماع المنبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك.

وهذه نكتة نفيسة نافعة، ومن فوائدها: القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته؛ لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن. والله أعلم.

[ ص: 284 ]

التالي السابق


[ ص: 284 ] 24 - قوله في الحديث المتفق عليه: "وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به) .. إلى آخر كلامه. وقال في آخره: (سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن) انتهى كلامه، وفيه أمران:

[ ص: 285 ] أحدهما: أن ما ادعاه من أن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته قد سبقه إليه الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف، فقالا: إنه مقطوع به.

وقد عاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام على ابن الصلاح هذا، وذكر [ ص: 286 ] أن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته، قال: وهو مذهب رديء.

وقال الشيخ محيي الدين النووي في التقريب والتيسير: خالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر.

وقال في شرح مسلم نحو ذلك بزيادة، قال: "ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم" قال: "وقد استنكر إنكار ابن برهان الإمام على من قال بما قاله الشيخ، وبالغ في تغليظه".

الأمر الثاني: إن ما استثناه من المواضع اليسيرة قد أجاب العلماء عنها بأجوبة، ومع ذلك فليست يسيرة، بل هي مواضع كثيرة، وقد [ ص: 287 ] جمعتها في تصنيف مع الجواب عنها.

وقد ادعى ابن حزم في أحاديث من الصحيحين أنها موضوعة، ورد عليه ذلك كما بينته في التصنيف المذكور. والله أعلم.




الخدمات العلمية