الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5456 ) مسألة ; قال : وإن كانتا أما وبنتا ، فأسلم وأسلمتا معا قبل الدخول ، فسد نكاح الأم ، وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما الكلام في هذه المسألة في فصلين : ( 5457 ) الفصل الأول : إذا كان إسلامهم جميعا قبل الدخول ، فإنه يفسد نكاح الأم ، ويثبت نكاح البنت . وهذا أحد قولي الشافعي ، واختيار المزني . وقال في الآخر : يختار أيتهما شاء ; لأن عقد الشرك إنما يثبت له حكم الصحة إذا انضم إليه الاختيار ، فإذا اختار الأم فكأنه لم يعقد على البنت

                                                                                                                                            ولنا قول الله تعالى : { وأمهات نسائكم } . وهذه أم زوجته ، فتدخل في عموم الآية ، ولأنها أم زوجته ، فتحرم عليه ، كما لو طلق ابنتها في حال شركه ، ولأنه لو تزوج البنت وحدها ، ثم طلقها ، حرمت عليه أمها إذا أسلم ، فإذا لم يطلقها وتمسك بنكاحها أولى . وقولهم : إنما يصح العقد بانضمام الاختيار إليه . غير صحيح ; فإن أنكحة الكفار صحيحة ، ثبت لها أحكام الصحة

                                                                                                                                            وكذلك لو انفردت كان نكاحها صحيحا لازما من غير اختيار ، ولهذا فوض إليه الاختيار هاهنا . ولا يصح أن يختار من ليس نكاحها صحيحا ، وإنما اختصت الأم بفساد نكاحها ; لأنها تحرم بمجرد العقد على ابنتها على التأبيد ، فلم يمكن اختيارها ، والبنت لا تحرم قبل الدخول بأمها ، فتعين النكاح فيها بخلاف الأختين

                                                                                                                                            ( 5458 ) الفصل الثاني : إذا دخل بهما ، حرمتا على التأبيد ، الأم لأنها أم زوجته ، والبنت لأنها ربيبته من زوجته التي دخل بها قال . ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . وهذا قول الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، ومالك ، وأهل الحجاز ، والثوري ، وأهل العراق ، والشافعي ، ومن تبعهم . وإن دخل بالأم وحدها ، فكذلك ; أن البنت تكون ربيبته مدخولا بأمها ، والأم حرمت بمجرد العقد على ابنتها

                                                                                                                                            وإن دخل بالبنت وحدها ، ثبت نكاحها ، وفسد نكاح أمها ، كما لو لم يدخل بهما . ولو لم تسلم معه إلا إحداهما ، كان الحكم كما لو أسلمتا معه معا ; فإن كانت المسلمة هي الأم ، فهي محرمة [ ص: 126 ] عليه على كل حال ، وإن كانت البنت ، ولم يكن دخل بأمها ، ثبت نكاحها ، وإن كان دخل بأمها ، فهي محرمة على التأبيد . ولو أسلم وله جاريتان ، إحداهما أم الأخرى ، وقد وطئهما جميعا حرمتا عليه على التأبيد ، وإن كان قد وطئ إحداهما ، حرمت الأخرى على التأبيد ، ولم تحرم الموطوءة ، وإن كان لم يطأ واحدة منهما ، فله وطء أيتهما شاء ، فإذا وطئها ، حرمت الأخرى على التأبيد . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية