الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وينعقد نفل بشروع فيها ) بكراهة التحريم ( لا ) ينعقد ( الفرض ) وما هو ملحق به كواجب [ ص: 374 ] لعينه كوتر ( وسجدة تلاوة ، وصلاة جنازة تليت ) الآية ( في كامل وحضرت ) الجنازة ( قبل ) لوجوبه كاملا فلا يتأدى ناقصا ، فلو وجبتا فيها لم يكره فعلهما : أي تحريما . وفي التحفة : الأفضل أن لا تؤخر الجنازة .

التالي السابق


( قوله : وينعقد نفل إلخ ) لما كان قوله وكره شاملا للمكروه حقيقة والممنوع أتى بهذه الجملة بيانا لما أجمله ط .

واعلم أن ما يسمى صلاة ولو توسعا إما فرض أو واجب أو نفل ، والأول عملي وقطعي ، فالعملي الوتر ، والقطعي كفاية وعين ، فالكفاية صلاة الجنازة ، والعين المكتوبات الخمس والجمعة والسجدة الصلبية ، والواجب إما لعينه ، وهو ما لا يتوقف وجوبه على فعل العبد ، أو لغيره وهو ما يتوقف عليه ; فالأول الوتر فإنه يسمى واجبا كما يسمى فرضا عمليا وصلاة العيدين وسجدة التلاوة ، والثاني سجدتا السهو وركعتا الطواف وقضاء نفل أفسده والمنذور ، والنفل سنة مؤكدة وغير مؤكدة .

واعلم أن الأوقات المكروهة نوعان :

الأول الشروق والاستواء والغروب .

والثاني ما بين الفجر والشمس ، وما بين صلاة العصر إلى الاصفرار ، فالنوع الأول لا ينعقد فيه شيء من الصلوات التي ذكرناها إذا شرع بها فيه ، وتبطل إن طرأ عليها إلا صلاة جنازة حضرت فيها وسجدة تليت آيتها فيها وعصر يومه والنفل والنذر المقيد بها وقضاء ما شرع به فيها ثم أفسده ، فتنعقد هذه الستة بلا كراهة أصلا في الأولى منها ، ومع الكراهة التنزيهية في الثانية والتحريمية في الثالثة ، وكذا في البواقي ، لكن مع وجوب القطع والقضاء في وقت غير مكروه :

والنوع الثاني ينعقد فيه جميع الصلوات التي ذكرناها من غير كراهة ، إلا النفل والواجب لغيره فإنه ينعقد مع الكراهة ، فيجب القطع والقضاء في وقت غير مكروه ا هـ ح مع بعض تغيير .

( قوله : لا ينعقد الفرض ) أشار إلى ما في الخانية من نواقض الوضوء حيث قال : لو شرع في فريضة عند الطلوع أو الغروب سوى عصر يومه لم يكن داخلا في الصلاة ، فلا تنتقض طهارته بالقهقهة ، بخلاف ما لو شرع في التطوع ا هـ .

( قوله : كواجب ) عبارة القهستاني : كالفرائض والواجبات الفائتة ، فقيد بالفائتة احترازا عما وجب فيها كالتلاوة والجنازة . بقي لو شرع في صلاة العيد هل يكون [ ص: 374 ] داخلا في الصلاة نفلا أم لا تنعقد أصلا ؟ الظاهر الأول ، وسيصرح به في بابها ; لأن وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح فقبل وقتها لم تجب فتكون نفلا تأمل .

( قوله : لعينه ) هذا التقييد غير صحيح فإنه يقتضي أن الواجب لغيره ينعقد في هذه الأوقات وليس كذلك كما صرح به في البحر والقهستاني والنهر خلافا لما في نور الإيضاح ، أفاده ح .

( قوله : وسجدة تلاوة إلخ ) معطوف على وتر في عبارة الشارح وأصله الرفع في عبارة المتن عطفا على الفرض . قال الشارح في الخزائن : وسجود السهو كالتلاوة ، فيتركه لو دخل وقت الكراهة ا هـ وقدمناه .

( قوله : وصلاة جنازة ) فيه أنها تصح مع الكراهة كما في البحر عن الإسبيجابي وأقره في النهر . ا هـ . ح .

قلت : لكن ما مشى عليه المصنف هو الموافق لما قدمناه عن ح في الضابط وللتعليل الآتي وهو ظاهر الكنز والملتقى والزيلعي ، وبه صرح في الوافي وشرح المجمع والنقاية وغيرها .

( قوله : فلو وجبتا فيها ) أي بأن تليت الآية في تلك الأوقات أو حضرت فيها الجنازة .

( قوله : أو تحريما ) أفاد ثبوت الكراهة التنزيهية .

( قوله : وفي التحفة إلخ ) هو كالاستدراك على مفهوم قوله أي تحريما ، فإنه إذا كان الأفضل عدم التأخير في الجنازة فلا كراهة أصلا ، وما في التحفة أقره في البحر والنهر والفتح والمعراج حضرت " وقال في شرح المنية : والفرق بينها وبين سجدة التلاوة ظاهر ; لأن تعجيل فيها مطلوب مطلقا إلا لمانع ، وحضورها في وقت مباح مانع من الصلاة عليها في وقت مكروه ، بخلاف حضورها في وقت مكروه وبخلاف سجدة التلاوة ; لأن التعجيل لا يستحب فيها مطلقا ا هـ أي بل يستحب في وقت مباح فقط فثبتت كراهة التنزيه في سجدة التلاوة دون صلاة الجنازة




الخدمات العلمية