الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وغسل جميع اللحية فرض ) يعني عمليا ( أيضا ) على المذهب الصحيح المفتى به المرجوع إليه ، وما عدا هذه الرواية مرجوع عنه كما في البدائع .

ثم لا خلاف أن المسترسل لا يجب غسله ولا مسحه [ ص: 101 ] بل يسن ، وأن الخفيفة التي ترى بشرتها يجب غسل ما تحتها كذا في النهر . وفي البرهان : يجب غسل بشرة لم يسترها الشعر كحاجب وشارب وعنفقة في المختار

التالي السابق


( قوله : جميع اللحية ) بكسر اللام وفتحها نهر ، وظاهر كلامهم أن المراد بها الشعر النابت على الخدين من عذار وعارض والذقن .

وفي شرح الإرشاد : اللحية الشعر النابت بمجتمع الخدين والعارض ما بينهما وبين العذار وهو القدر المحاذي للأذن ، يتصل من الأعلى بالصدغ ومن الأسفل بالعارض بحر .

( قوله : يعني عمليا ) ذكر بعضهم أن التفسير بأي للبيان والتوضيح والتفسير يعني لدفع السؤال وإزالة الوهم كذا في حاشية البحر للخير الرملي ، وهنا كذلك لأنه دفع ما يتوهم من إطلاق الفرض أنه القطعي مع أن الآية لا تدل دلالة قطعية على انتقال حكم ما تحت اللحية من البشرة إليها .

( قوله : أيضا ) أي كما أن مسح ربع الرأس كذلك ط .

( قوله : وما عدا هذه الرواية ) أي من رواية مسح الكل أو الربع أو الثلث أو ما يلاقي البشرة أو غسل الربع أو الثلث أو عدم الغسل والمسح فالمجموع ثمانية .

( قوله : كما في البدائع ) هذا الكتاب جليل الشأن ، لم أر له نظيرا في كتبنا ، وهو للإمام أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني شرح به تحفة الفقهاء لشيخه علاء الدين السمرقندي ، فلما عرضه عليه زوجه ابنته فاطمة بعدما خطبها الملوك من أبيها فامتنع ، وكانت الفتوى تخرج من دارهم وعليها خطها وخط أبيها وزوجها .

( قوله : ثم لا خلاف ) أي بين أهل المذهب على جميع الروايات ط .

( قوله : أن المسترسل ) أي الخارج عن دائرة الوجه ، وفسره ابن حجر في شرح [ ص: 101 ] المنهاج بما لو مد من جهة نزوله لخرج عن دائرة الوجه ، وعلى هذا فالنابت على أسفل الذقن لا يجب غسل شيء منه ; لأنه بمجرد ظهوره يخرج عن حد الوجه ; لأن ذلك جهة نزوله وإن كان لو مد إلى فوق لا يخرج عن حد الجبهة وكذا النابت على أطراف الحنك من اللحية ، وأما النابت على الخدين فيجب غسل ما دخل منه في دائرة الوجه دون الزائد عليها ; ولذا قال في البدائع : الصحيح أنه يجب غسل الشعر الذي يلاقي الخدين وظاهر الذقن لا ما استرسل من اللحية عندنا وعند الشافعي يجب ; لأن ما استرسل تابع لما اتصل وللتبع حكم الأصل .

ولنا أنه إنما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن وجها فلا يجب غسله ا هـ فتأمل . ثم رأيتالمصنف في شرحه على زاد الفقير قال ما نصه : وفي المجتبى قال البقالي : وما نزل من شعر اللحية من الذقن ليس من الوجه عندنا خلافا للشافعي ا هـ ولا رواية في غسل الذؤابتين إذا جاوزتا القدمين في الجنابة ، وكذا السلعة إذا تدلت عن الوجه : والصحيح أنه يجب غسلها في الجنابة وغسل السلعة في الوضوء أيضا . ا هـ .

( قوله : بل يسن ) أي المسح لكونه الأقرب لمرجع الضمير : وعبارة المنية صريحة في ذلك كذا في ح .

( قوله : التي ترى بشرتها ) قيد بذلك ; لأنه الذي لا خلاف فيه .

وأما ما في البدائع من أنه إذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء كثيفا كان أو خفيفا ; لأن ما تحته خرج من أن يكون وجها ; لأنه لا يواجه به ا هـ فمحمول على ما إذا لم تر بشرتها كما يشير إليه التعليل ، فالخفيفة قسمان .

والفرق بينها بالمعنى الثاني وبين الكثيفة العرف كما هو وجه عند الشافعية . والأصح عندهم أن الخفيفة ما ترى بشرتها في مجلس التخاطب ، أفاده في الحلية .

( قوله : لم يسترها الشعر ) أما المستورة فساقط غسلها للحرج ط .

ويستثنى منه ما إذا كان الشارب طويلا يستر حمرة الشفتين ، ولما في السراجية من أن تخليل الشارب الساتر حمرة الشفتين واجب . ا هـ . ; لأنه يمنع ظاهر وصول الماء إلى جميع الشفة أو بعضها ولا سيما إن كان كثيفا ، وتخليله محقق لوصول الماء إلى جميعها ، وتمامه في الحلية .




الخدمات العلمية