قال : (
nindex.php?page=treesubj&link=1423رجل أسلم في دار الحرب فمكث فيها شهرا ولم يصل ولم يعلم أن عليه الصلاة فليس عليه قضاؤها ) ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله تعالى عليه قضاؤها ; لأن بقبول الإسلام صار ملتزما لما هو من أحكامه ولكن قصر عنه خطاب الأداء لجهله به ، وذلك غير مسقط للقضاء بعد تقرر السبب الموجب ، كالنائم إذا انتبه بعد مضي وقت الصلاة عليه . وجه قولنا أن ما يجب بخطاب الشرع لا يثبت حكمه في حق المخاطب قبل علمه به ، ألا ترى أن أهل
قباء افتتحوا الصلاة إلى
بيت المقدس بعد فرضية التوجه إلى
الكعبة وجوز لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يبلغهم . وشرب بعض الصحابة الخمر بعد نزول تحريمها قبل علمه بذلك ، وفيه نزل قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } وهذا لأن الخطاب بحسب الوسع وليس في وسع المخاطب الائتمار قبل العلم ، فلو ثبت حكم الخطاب في حقه كان فيه من الحرج ما لا يخفى ، ولهذا قلنا : إن عزل الوكيل والحجر على المأذون لا يثبت في حقه ما لم يعلم ، ( وإن كان
nindex.php?page=treesubj&link=1423ذميا أسلم في دار الإسلام فعليه قضاؤها استحسانا ) ، وفي القياس لا قضاء عليه أيضا وهو الحد لما بينا . ووجه الاستحسان هو أن الخطاب شائع في دار الإسلام فيقوم شيوع الخطاب مقام العلم ; لأنه ليس في وسع المبلغ أن يبلغ كل أحد إنما الذي وسعه أن يجعل الخطاب شائعا ، وهذا لأنه في دار الإسلام يسمع الأذان
[ ص: 246 ] والإقامة ويرى شهود الناس الجماعات في كل وقت ، فإنما يشتبه عليه ما لا يشتبه ، ولأن في دار الإسلام يجد من يسأل منه ، فترك السؤال تقصير منه بخلاف دار الحرب ، فإن بلغه في دار الحرب رجل واحد فعليه القضاء فيما ترك بعد ذلك
عندهما وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وفي رواية
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى ما لم يخبره رجلان أو رجل وامرأتان لا يلزمه القضاء ; لأن هذا خبر ملزم ، ومن أصله اشتراط العدد في الخبر الملزم ، كما قال في حق الحجر على المأذون وعزل الوكيل والإخبار بجناية العبد . وجه الرواية الأخرى وهو الأصح أن كل أحد مأمور من صاحب الشرع بالتبليغ قال عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37864نضر الله امرأ سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من لم يسمعها } فهذا المبلغ نظير الرسول من المولى والموكل ، وخبر الرسول هناك ملزم فههنا كذلك .
قَالَ : (
nindex.php?page=treesubj&link=1423رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَكَثَ فِيهَا شَهْرًا وَلَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا ) ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا ; لِأَنَّ بِقَبُولِ الْإِسْلَامِ صَارَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِهِ وَلَكِنْ قَصَرَ عَنْهُ خِطَابُ الْأَدَاءِ لِجَهْلِهِ بِهِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ ، كَالنَّائِمِ إذَا انْتَبَهَ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ . وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ مَا يَجِبُ بِخِطَابِ الشَّرْعِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ
قُبَاءَ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ إلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ فَرْضِيَّةِ التَّوَجُّهِ إلَى
الْكَعْبَةِ وَجَوَّزَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ . وَشَرِبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ الْخَمْرَ بَعْدَ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا قَبْلَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } وَهَذَا لِأَنَّ الْخِطَابَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُخَاطَبِ الِائْتِمَارُ قَبْلَ الْعِلْمِ ، فَلَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الْخِطَابِ فِي حَقِّهِ كَانَ فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى ، وَلِهَذَا قُلْنَا : إنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ وَالْحَجْرَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، ( وَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=1423ذِمِّيًّا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا اسْتِحْسَانًا ) ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَهُوَ الْحَدُّ لِمَا بَيَّنَّا . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّ الْخِطَابَ شَائِعٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَقُومُ شُيُوعُ الْخِطَابِ مَقَامَ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُبَلِّغِ أَنْ يُبَلِّغَ كُلَّ أَحَدٍ إنَّمَا الَّذِي وُسْعُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْخِطَابَ شَائِعًا ، وَهَذَا لِأَنَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَسْمَعُ الْأَذَانَ
[ ص: 246 ] وَالْإِقَامَةَ وَيَرَى شُهُودَ النَّاسِ الْجَمَاعَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، فَإِنَّمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مَا لَا يَشْتَبِهُ ، وَلِأَنَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُ مِنْهُ ، فَتَرْكُ السُّؤَالِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ بِخِلَافِ دَارِ الْحَرْبِ ، فَإِنْ بَلَّغَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيمَا تَرَكَ بَعْدَ ذَلِكَ
عِنْدَهُمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَفِي رِوَايَةِ
الْحَسَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لَمْ يُخْبِرْهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ; لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ مُلْزِمٌ ، وَمِنْ أَصْلِهِ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الْخَبَرِ الْمُلْزِمِ ، كَمَا قَالَ فِي حَقِّ الْحَجْرِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْإِخْبَارِ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ . وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مَأْمُورٌ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ بِالتَّبْلِيغِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37864نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا مَقَالَةً فَوَعَاهَا كَمَا سَمِعَهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا } فَهَذَا الْمُبَلِّغُ نَظِيرُ الرَّسُولِ مِنْ الْمَوْلَى وَالْمُوَكِّلِ ، وَخَبَرُ الرَّسُولِ هُنَاكَ مُلْزِمٌ فَهَهُنَا كَذَلِكَ .