الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة : قوله تعالى : فأنزلنا على الذين ظلموا كرر لفظ ظلموا ولم يضمره تعظيما للأمر والتكرير يكون على ضربين : أحدهما استعماله بعد تمام الكلام كما في هذه الآية وقوله : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم قال بعد : فويل لهم مما كتبت أيديهم ولم يقل مما كتبوا وكرر الويل تغليظا لفعلهم ، ومنه قول الخنساء :


تعرقني الدهر نهسا وحزا وأوجعني الدهر قرعا وغمزا



أرادت أن الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغرياتها ، والضرب الثاني مجيء تكرير الظاهر في موضع المضمر قبل أن يتم الكلام كقوله تعالى : الحاقة ما الحاقة الآية و القارعة ما القارعة الآية كان القياس - لولا ما أريد به من التعظيم والتفخيم - الحاقة ما هي ، والقارعة ما هي ، ومثله فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة كرر أصحاب الميمنة تفخيما لما ينيلهم من جزيل الثواب وكرر لفظ أصحاب المشأمة لما ينالهم من أليم العذاب ، ومن هذا الضرب قول الشاعر :

ليت الغراب غداة ينعب دائبا     كان الغراب مقطع الأوداج



وقد جمع عدي بن زيد المعنيين فقال :

لا أرى الموت يسبق الموت شيء     نغص الموت ذا الغنى والفقيرا



فكرر لفظ الموت ثلاثا وهو من الضرب الأول ، ومنه قول الآخر :

ألا حبذا هند وأرض بها هند     وهند أتى من دونها النأي والبعد



فكرر ذكر محبوبته ثلاثا تفخيما لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية