الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وروينا عن أبي عيسى الترمذي - رضي الله عنه - أنه يريد بالحسن: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون حديثا شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذلك.

[ ص: 293 ]

التالي السابق


[ ص: 293 ] 27 - قوله: (وروينا عن أبي عيسى الترمذي - رحمه الله - أنه يريد بالحسن: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون حديثا شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذاك) انتهى.

اعترض بعض من اختصر كلام ابن الصلاح عليه في حكاية هذا عن الترمذي، وهو الحافظ عماد الدين بن كثير، فقال: "وهذا إن كان قد روى عن الترمذي أنه قاله ففي أي كتاب له قاله؟ وأين إسناده عنه؟ وإن كان فهم من اصطلاحه في كتابه الجامع فليس ذلك بصحيح؛ فإنه يقول في كثير من الأحاديث: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه" انتهى.

[ ص: 294 ] وهذا الإنكار عجيب؛ فإنه في آخر العلل التي في آخر الجامع وهي داخلة في سماعنا وسماع المنكر لذلك وسماع الناس.

نعم، ليست في رواية كثير من المغاربة؛ فإنه وقعت لهم رواية المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وليست في روايته عن أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد، وليست في رواية أبي يعلى عن أبي علي السنجي، وليست في رواية أبي علي السنجي عن أبي العباس المحبوبي صاحب الترمذي، ولكنها في رواية عبد الجبار بن محمد الجراحي [ ص: 295 ] عن المحبوبي، ثم اتصلت عنه بالسماع إلى زماننا بمصر والشام وغيرهما من البلاد الإسلامية، ولكن استشكل أبو الفتح اليعمري كون هذا الحد الذي ذكره الترمذي اصطلاحا عاما لأهل الحديث، فنورد لفظ الترمذي أولا.

قال أبو عيسى: "وما ذكرنا - في هذا الكتاب - حديث حسن إنما أردنا به حسن إسناده عندنا: كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذاك - فهو عندنا حديث حسن" انتهى كلامه.

فقيد الترمذي تفسير الحسن بما ذكره في كتابه الجامع؛ فلذلك قال أبو الفتح اليعمري في شرح الترمذي: "إنه لو قال قائل: إن هذا إنما اصطلح عليه الترمذي في كتابه هذا ولم ينقله اصطلاحا عاما، كان له ذلك، فعلى هذا لا ينقل عن الترمذي حد الحديث الحسن بذلك مطلقا في الاصطلاح العام" والله أعلم.




الخدمات العلمية