الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ولو nindex.php?page=treesubj&link=6086أسلم ثوبا إلى خياط وأمره أن يخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء فلصاحب الثوب أن يضمنه قيمة ثوبه ، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به ما سمي له ; لأنه في أصل الخياطة موافق وفي الهيئة والصفة مخالف وبعض مشايخنا رحمهم الله يقولون القباء والقميص تتفاوتان في الاستعمال ، وإن كان لا يتفق فلم يكن في أصل مقصوده مخالفا وإنما خالفه في تتميم المقصود حتى لو خاطه سراويلا كان غاضبا ضامنا ولا خيار لصاحب الثوب ; لأنه لا مقاربة بين القميص والسراويل في الاستعمال ، والأصح أن الجواب في الفصلين واحد وقد روى هشام عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمهما الله أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=6086دفع إليه شبها ليضرب له طستا فضربه كوزا فهو بالخيار ولا مقاربة في الاستعمال هنا ولكنه موافق في أصل الصنعة مخالف في الهيئة والصفة ، فكذلك في مسألة الثوب ، وإن خاطه سراويل فهو في أصل الخياطة موافق وفي الهيئة مخالف فإن nindex.php?page=treesubj&link=6182_6086قال رب الثوب أمرتك بقميص وقال الخياط أمرتني بقباء فالقول قول رب الثوب مع يمينه عندنا وقال nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى رحمه الله : القول قول الخياط لإنكاره الخلاف والضمان nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمه الله يقول : إنهما يتحالفان ; لأنهما اختلفا في المعقود عليه ولو اختلفا في البدل تحالفا إذا كان [ ص: 97 ] قبل إقامة العمل فكذلك في المعقود عليه ولكن هذا لا معنى له هنا ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=6182_6086رب الثوب يدعي عليه ضمان قيمة الثوب والخياط ينكر ذلك ويدعي الأجر دينا في ذمة رب الثوب فلا يكون هذا في معنى ما ورد الأثر بالتحالف فيه مع أن المقصود بالتحالف الفسخ وبعد إقامة العمل لا وجه للفسخ ، وإن أقاما البينة فالبينة بينة الخياط ; لأنه هو المدعي الإذن في خياطة القباء والوفاء بالمعقود عليه وتقرر الأجر في ذمة صاحب الثوب
وإن nindex.php?page=treesubj&link=6182اختلفا في الأجر فالقول قول رب الثوب ; لأنه منكر للزيادة والبينة بينة الخياط ; لأنها تثبت الزيادة ، وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=6182قال صاحب الثوب : خيطه لي بغير أجر فالقول قوله مع يمينه على قياس ما بينا في القصارة ; لأن عمل الخياطة المتصل بالثوب غير متقوم بنفسه ولم يذكر في الكتاب ما إذا اتفقا على أنه لم يشارطه على شيء في هذه الفصول وفي النوادر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنه لا أجر له ; لأن المنافع لا تتقوم إلا بعقد ضمان ، أو بتسمية عوض وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله قال : أستحسن إذا كان خيط له فأوجب الأجر له ; لأن الخياطة التي بينهما دليل على أنه طلب منه إقامة العمل بأجره فقام ذلك مقام الشرط وعن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله قال : إن كان العامل معروفا بذلك العمل بالأجر فتح الحانوت لأجله فذلك ينزل منزل شرط الأجر ويقضى له بالأجر استحسانا .