الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث : في هبته ، وفي الكتاب : إذا وهبته للزوج بعد القبض أو قبله ، وهي نافذة التصرف ، فلا رجوع لها ، أو بعضه فلها نصف ما بقي ، أو لأجنبي قبل القبض نفذت الهبة إن حملها ثلثها ، وإن زاد على الثلث بطل الجميع ; لأن المرأة محجور عليها بسبب الزوج في مالها ، إلا في الثلث فيكون هذا التصرف باطلا إلا أن يجيزه الزوج ، وإن لم يقبضه الموهوب له حتى طلقت موسرة قبل البناء أخذه من الزوج لذهاب الحجر ، ورجع الزوج عليها بنصفه أو معسرة حبس الزوج نصفه ودفع نصفه ، ولو قبضه كله قبل الطلاق لم يرجع الزوج بشيء كانت موسرة يوم الهبة أو معسرة أو الآن ، ويتبعها الزوج بنصفه كما لو هلك بسببها عندها ، وقال غيره : إن كانت موسرة يوم الهبة ولم تقبضه حتى طلقت لم ينظر لعسرها يوم الطلاق ، ويدفعه الزوج للموهوب ، ويتبعها بنصفه نظرا إلى حالة [ ص: 359 ] التصرف ، وقال ابن يونس : في كتاب محمد إذا وهبته لزوجها قبل البناء لا يدخل بها حتى يعطيها ربع دينار لئلا يعرى البضع من الصداق ، أو بعد البناء فلا شيء لأحدهما على الآخر ، قال صاحب النكت : إذا لم يقبضه حتى طلق الزوج وروعي عسرها ويسرها يوم الطلاق ، ولا ينظر إلى ثلثها إن كانت حاملا ، وإنما يراعى عسرها بذلك القدر فقط لزوالها عن عصمة الزوج ، وعلى قول الغير في اعتبار يسرها يوم الهبة ينظر إلى الثلث ; لأنه وقت للتزويج ، وفي الجواهر : إذا وهبته جملته ثم طلقها قبل البناء لم يرجع عليها بشيء ، كأنها عجلت إليه ما تستحقه بالطلاق ، وإذا وهبته لأجنبي وقبضه ورجع الزوج عليها فهل يرجع على الموهوب كواهب المستحق أم لا ؟ لأنها وهبت وهي عالمة بتوقع الارتجاع ، وكما أنها لا تنقض البيع فكذلك هاهنا ، وإن لم يقبضه الموهوب له حتى طلقت أجبرت على الإقباض إن كانت موسرة يوم الطلاق ; لأنها قادرة على تعويض الزوج ، ولا تجبر إن كانت معسرة يوم الهبة والطلاق ، فإن كانت موسرة يوم الهبة معسرة يوم الطلاق ، قال ابن القاسم : تجبر ، وقال غيره : لا تجبر ، وهو على الخلاف في استقرار ملكها ، ولو خالعته قبل البناء بنصفه كان لها نصف ما بقي أو جملته ؛ فلا شيء لها ، وكذلك عين غيره ; لأن المخالعة بغيره دليل على إسقاطه ، وترده إن كانت قبضته ، وقال أصبغ : إن قبضته فلا ; لأنه من جملة أموالها إلا أن يشترط رده ، أو بما أقل من الصداق رجعت بنصف الصداق .

                                                                                                                [ ص: 360 ] فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إن تزوجته على أن يهب عبده لفلان فطلق قبل البناء رجع على الموهوب له بنصفه إن كان قائما ، وإن هلك فنصف قيمته عند أشهب ، ولا شيء عليه عند محمد ; لأنه لو هلك بيد المرأة سقط ، وإن حدث به عيب أخذ نصفه معيبا ، وإن باعه الموهوب بنصف الثمن أو أعتقه أو وهبه عالما بأنه صداق فنصف قيمته يوم التصرف ، وإلا فلا شيء عليه ، ولا يرد العتق ; لأنه مكن من ذلك ، واستحسن رد الهبة ، وإن كان طعاما أكله أو ثوبا لبسه للتهمة في العادة . فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال ابن القاسم : من تزوج بكرا بمائة فأعطتها من عندها فعلم الأب ثبت النكاح لوجود التسمية ، ويردها ، ومن أعطته امرأة مالا على أن يتزوجها إن كانت ثيبا وزادها ربع دينار على عطيتها جاز أو بكرا ولم يبن بها ، فإن أتم الصداق وإلا فسخ ، أو بنى فصداق المثل ، ثم رجع فقال : لا يفسخ بنى أم لا ، ويعطي البكر من ماله مثل عطيتها ، ويزيد الثيب ربع دينار ، وأما رد المهر إلى الزوج ، فقال أبو عمران : هو نكاح وسلف لا يجوز إن وقعت العيبة على النقد ، وإن لم يعب واشترط ذلك كان العقد صحيحا ، وإذا فسد ثبت بعد البناء وفسخ قبله ; لأن فساده في صداقه ، ولها صداق المثل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية