الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وإذا nindex.php?page=treesubj&link=6121_6102استأجر الرجل حماما مدة معلومة بأجر معلوم فهو جائز ; لأنه عين منتفع به على وجه مباح شرعا فإن nindex.php?page=treesubj&link=6116_6176كان حماما للرجال وحماما للنساء وقد جددهما جميعا فسمي في كتاب الإجارة حماما فهو فاسد في القياس ; لأنه إنما استأجر حماما واحدا فإن النكرة في موضع الإثبات تخص ولا يدري أيهما استأجر وهما يتفاوتان في المقصود فتتمكن المنازعة بسبب هذه الجهالة ، ولكني أدعي القياس وأجيز له الحمامين جميعا لعرف اللسان ; فإنه يقال : حمام فلان وهما حمامان والمعروف بالعرف كالمشروط بالنص وعمارة الحمام في صاروجه وحوضه ومسيل مائه وإصلاح قدره على رب الحمام ; لأن المنفعة المقصودة بالحمام لا تتم إلا بهذه الأشياء nindex.php?page=treesubj&link=6148وعلى المؤاجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بما أجره على الوجه الذي هو مقصوده ولأن المرجع في هذا إلى العرف وفي العرف صاحب الحمام هو الذي يحصل هذه الأعمال فإن nindex.php?page=treesubj&link=6178اشترط المرمة على المستأجر فسدت الإجارة ; لأن المرمة على الآخر فهذا شرط مخالف لمقتضى العقد ، ثم المشروط على المستأجر من ذلك أجره وهو مجهول المقدار والجنس والصفة وجهالة الأجرة تفسد الإجارة
ولو nindex.php?page=treesubj&link=6122اشترط عليه رب الحمام عشرة دراهم في كل شهر لمرمته مع الأجرة وأذن له أن ينفقها عليه فهو جائز ; لأنه معلوم المقدار ، وقد جعله نائبا عن نفسه في إنفاقه على ملكه فبهذا يستدل nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله في مسألة كتاب البيوع إذا قال لمدينه أسلم مالي عليك فإن هناك لم يبين له من يشتري منه ما يرم به الحمام ومن يستأجره لذلك ومع هذا جوز التوكيل ، وكذلك ذكر بعد هذا في إجارة الدواب لو أمره بإنفاق بعض الأجرة على الدابة على علفها جاز ذلك وهما سواء حتى زعم بعض مشايخنا رحمهم الله أن الجواب قولهما وفي القياس قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز ذلك والأصح أنه قول الكل .
وإنما استحسن هنا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله للتيسير فالمستأجر للحمام يلحقه الحرج باستطلاع رأي صاحب الحمام عند كل مرة والمستأجر للدابة كذلك ، ثم قد عين له المحل الذي أمره بصرف الدين إليه فنزل ذلك منزلة تعيين من يعامله كما لو أمر المدين بأن ينفق على عياله من الدين الذي له عليه بخلاف [ ص: 158 ] مسألة السلم فإن قال المستأجر قد أنفقتها عليه لم يصدق إلا ببينته لأن الأجر دين في ذمته ، والمدين إذا ادعى قضاء الدين لا يقبل ذلك منه إلا بحجة ويستحلف رب الحمام على عمله ; لأنه لو أقر به لزمه فإذا أنكر يستحلف لرجاء نكوله ، ولكن الاستحلاف على فعل الغير يكون على العلم ، وكذلك لو اشترط عليه أنه أمين في هذه النفقة وأن القول قوله فيها لم يكن القول قوله ; لأن المدين ضامن ما في ذمته واشتراط كون الضامن أمينا مخالف لحكم الشرع فكان باطلا ، ولو جعلا بينهما رجلا يقبضها ونفقتها على الحمام فقال المستأجر : دفعتها إليه وكذبه رب الحمام فإن أقر العدل بقبضها برئ المستأجر ; لأنه وكيل رب الحمام في القبض فيصح منه الإقرار بالقبض ويجعل كإقرار الموكل بذلك فإن رب الحمام حين سلطه على القبض فقد سلطه على الإخبار به ، ثم العدل أمين فيما يصل إليه فيكون القول قوله فيما يدعي من ضياع أو نفقة مع يمينه كالمودع ، وإن كان العدل كفيلا بالأجر كان مثل المستأجر غير مؤتمن ولا يصدق ; لأن الكفيل ضامن ; لما التزمه في ذمته كالأصيل وليس لرب الحمام أن يمنعه بئر الماء ومسيل ماء الحمام أو موضع سرقينه ، وإن لم يشترط ; لأن هذا من مرافقه ومجامعه ، ولا يتم الانتفاع إلا به فكان بيعا والبيع يصير مذكورا بذكر الأصل فهو بمنزلة مدخل الحمام وفنائه يدخل في العقد من غير شرط ولو اختلفا في قدر الحمام فهي لرب الحمام ; لأنها مركبة في بنائه ; ولأن الظاهر فيها يشهد لرب الحمام فإن اتخاذ القدر وإصلاحه عليه .