الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن قيد الخامسة بالسجدة ثم تذكر ضم إليها ركعة أخرى وتم فرضه ) لأن الباقي إصابة لفظة السلام وهي واجبة ، وإنما يضم إليها أخرى لتصير الركعتان نفلا لأن الركعة الواحدة لا تجزئه { لنهيه عليه الصلاة والسلام عن البتراء } ، ثم لا تنوبان عن سنة [ ص: 512 ] الظهر هو الصحيح لأن المواظبة عليها بتحريمة مبتدأة ( ويسجد للسهو استحسانا ) لتمكن النقصان في الفرض بالخروج لا على الوجه المسنون . وفي النفل بالدخول لا على الوجه المسنون ، ولو قطعها لم يلزمه القضاء لأنه مظنون [ ص: 513 ] ولو اقتدى به إنسان فيهما يصلي ستا عند محمد لأنه المؤدى بهذه التحريمة ، وعندهما ركعتين لأنه استحكم خروجه عن الفرض ولو أفسده المقتدي فلا قضاء عليه عند محمد اعتبارا بالإمام ، وعند أبي يوسف يقضي ركعتين لأن السقوط بعارض يخص الإمام .

التالي السابق


( قوله ثم لا تنوبان عن سنة . [ ص: 512 ] الظهر هو الصحيح ) احتراز عن قول من قال تنوب ، وجه المختار أن السنة بالمواظبة والمواظبة عليها منه صلى الله عليه وسلم بتحريمة مبتدأة وإن لم يحتج إلى قصد السنة في وقوعها سنة ، بخلاف ما قدمناه في الأربع بعد الظهر والعشاء فإنها بتحريمة قصدت ابتداء للنفل فلذا تقع الأوليان منها سنة ، ولو كانت الصورة في العصر : أعني صلاها خمسا بعدما قعد الثانية أو في الفجر سجد في الثالثة بعد القعدة ، قالوا لا يضم سادسة لأنه يصير متنفلا بركعتين بعد العصر والفجر وهو مكروه ، والمختار أن يضم والنهي عن التنفل القصدي بعدهما ، وكذا إذا تطوع من آخر الليل فلما صلى ركعة طلع الفجر الأولى أن يتمها ثم يصلي ركعتي الفجر لأنه لم يتنفل بأكثر من ركعتي الفجر قصدا ( قوله ويسجد للسهو استحسانا ) والقياس أن لا يسجد لأنه صار إلى صلاة غير التي سها فيها ، ومن سها في صلاة لا يسجد في أخرى .

وجه الاستحسان أن النقصان دخل في فرضه عند محمد بتركه الواجب وهو السلام ، وهذا النفل بناء على التحريمة الأولى فيجعل في حق السهو كأنهما واحدة ، كمن صلى ستا تطوعا بتسليمة وسها في الشفع الأول يسجد في الآخر وإن كان كل شفع صلاة على حدة بناء على الاتحاد الحكمي الكائن بواسطة اتحاد التحريمة وعند أبي يوسف النقصان في النفل بالدخول لا على الوجه الواجب ، إذ الواجب أن يشرع في النفل بتحريمة مبتدأة للنفل وهذه كانت للفرض . كذا في الكافي .

وبه ظهر أن قول المصنف لتمكن النقصان في الفرض بالخروج لا على الوجه المسنون ، وفي النفل بالدخول لا على الوجه المسنون مراده مسنون الثبوت فيعم الواجب وهو المراد وهو تعليل على المذهبين ، فالأول لمحمد والثاني لأبي يوسف ، وظهر أن كونه استحسانا يقابله قياس إنما هو على قول محمد .

أما على قول أبي يوسف فيسجد قياسا استحسانا ، وقدم قول محمد لأنه المختار للفتوى لأن من قام من الفرض إلى النفل بلا تسليم ولا تحريمة عمدا لم يعد ذلك نقصانا في النفل لأنه أحد وجهي الشروع في النفل بل في الفرض ، كذا ذكره فخر الإسلام ، لكن أبو يوسف يمنع أنه أحد وجهي الشروع ، ولو قطعها : يعني [ ص: 513 ] صلاة الركعتين بعد إتمام الركعة لا قضاء عليه لأنه مظنون ، وعند زفر يقضي ركعتين ;



( قوله ولو اقتدى به إنسان فيهما يصلي ستا عند محمد ) لما ذكر ( وعندهما ركعتين لأنه استحكم لخروجه عن الفرض ) فانقطع إحرامه ، إذ لا يتصور كونه في إحرامين لصلاتين متباينتين ، وعند محمد باق لأن إحرام الفرض اشتمل أصل الصلاة ووصف الفريضة والانتقال إلى النفل أوجب انقطاع الوصف دون الأصل ، ولهذا لو قام إلى الخامسة صار شارعا في النفل بلا تكبيرة الافتتاح ، فلو كان من ضرورة الانتقال إلى النفل انقطاع الإحرام احتيج إلى تكبيرة الافتتاح وليس فليس الإحرام منقطعا مطلقا ( قوله وعند أبي يوسف يقضي ركعتين ) كأن حقه أن يقول : وعندهما بدليل قوله أولا وعندهما ركعتين ، يعني أبا حنيفة وأبا يوسف ، ثم الفتوى هنا على قول أبي يوسف لأن ابتداء النفل غير مضمون قصدا غير مشروع ، وإنما شرع في حق الصبي والمعتوه لنقصان عزيمتهما ، فإذا انتقضت عزيمة العاقل البالغ بأن شرع فيه على عزم إسقاط الواجب لا عزم التطوع التحق بهما حينئذ ، وهذا يخص الإمام فلا يتعدى [ ص: 514 ] إلى المقتدي .




الخدمات العلمية