الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن سلم وعليه سجدتا السهو فدخل رجل في صلاته بعد التسليم ، فإن سجد الإمام كان داخلا وإلا فلا ) وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد : هو داخل سجد الإمام أو لم يسجد ، لأن عنده سلام من عليه السهو لا يخرجه عن الصلاة أصلا لأنها وجبت جبرا للنقصان فلا بد من أن يكون في إحرام الصلاة وعندهما يخرجه على [ ص: 515 ] سبيل التوقف لأنه محلل في نفسه ، وإنما لا يعمل لحاجته إلى أداء السجدة فلا يظهر دونها ، ولا حاجة على اعتبار عدم العود ، ويظهر الاختلاف في هذا وفي انتقاض الطهارة بالقهقهة وتغير الفرض بنية الإقامة في هذه الحالة .

التالي السابق


( قوله جبرا للنقصان ) أي النقصان الكائن في نفس الصلاة فلا بد أن يكون في حرمة الصلاة ، ولا [ ص: 515 ] يخفى أن هذه الملازمة غير ضرورية بل نظرية ، إذ لا مانع في العقل من اعتبار الجابر بعدها متصلا ، لكن تركوا بيانها لأنها اتفاقية بينهم وزفر مع محمد .

وحاصله أنه تراخى الحكم عن العلة لهذه الضرورة ( قوله وإنما لا يعمل لحاجته إلى أداء السجدة ) أي في حرمة الصلاة فلا يظهر عدم عمله دونها : أي دون السجدة ، وهذه يحتمل كونه قبل السجدة حلل لأنه لم يتحقق أوان الضرورة وهو السجدة فلا يتأخر عمله فيثبت التحليل ثم يعود إلى حرمة الصلاة بالسجود ، ويحتمل أنه قبلها متوقف على ظهور عاقبته إن سجد تبين أنه لم يخرجه وإن لم يسجد تبين أنه أخرجه من وقت وجوده إذ تبين عدم الضرورة الموجبة لتخلف تحليله عنه ، ثم ظهر أن الاحتمالين قولان للمشايخ حكاه خلافا صريحا بينهم في البدائع ، منهم من اختار الثاني ، ومنهم من اختار الأول .

قال : وهو أسهل لتخريج الفروع والتوقف في بقاء التحريمة ، وبطلانها أصح لأن التحريمة واحدة ، فإذا بطلت لا تعود إلا بإعادة ولم توجد ا هـ .

ولا يبعد جعل الشرع نفس السجود والعود إليه إعادة ، ويعني بالفروع ما ذكره من الاقتداء بعد السلام عند محمد يصير مقتديا ألبتة ، وعندهما يوقف على السجود ، وانتقاض الطهارة بالقهقهة بعده عنده وعندهما لا ينتقض ، وكذا لو ضحك المقتدي في هذه الحالة ، وفي تغير الفرض بنية الإقامة بعده قبل السجود عند محمد فيصير أربعا وعندهما لا يتغير لأن النية لم تحصل في حرمة الصلاة ، ويسقط سجود السهو لأنه لو سجد تغير فرضه فيكون مؤديا سجود السهو في وسط الصلاة فيترك ويقوم ، ولا يؤمر بأداء شيء إذ كان في أدائه إبطاله .

وفيمن اقتدى به إنسان بنية التطوع ثم تكلم هذا المقتدي قبل أن يسجد الإمام لا يجب على المقتدي قضاء شيء عندهما وإن سجد الإمام لأنه تكلم قبل صحة الاقتداء . وعند محمد يلزمه قضاء ما يصلي الإمام .

وقوله في النهاية عندهما يخرج بالسلام من كل وجه ، لا أن معنى التوقف أن يثبت الخروج من وجه ثم بالسجود يدخل في حرمة الصلاة ، لأنه لو كان في حرمة الصلاة من وجه لكانت الأحكام على عكسها عندهما أيضا كما هو مذهب محمد من انتقاض الطهارة بالقهقهة ولزوم الأداء بالاقتداء ، ولزوم الأربع عند نية الإقامة عملا بالاحتياط يشير إلى أن معنى التوقف المقابل لما اختاره مما استدل عليه بالفروع المذكورة كونه في حرمتها من وجه دون وجه ، وهو غير لازم من القول بالتوقف للمتأمل ، إذ حقيقته توقف الحكم بأنه خرج عن حرمة الصلاة أولا ، فالثابت في نفس الأمر أحدهما عينا ، والسجود وعدمه معرف كما يفيده ما هو مصرح به في البدائع من التجويزين ، وهذا [ ص: 516 ] قط لا يوجب الحكم بكونه بعد السلام في الصلاة من وجه دون وجه ، بل الوقوف عن الحكم بأنه خرج من كل وجه أو لم يخرج من وجه أصلا فتأمل ، وكأنه رحمه الله لم يدر تحقق ثبوت الخلاف السابق في معنى التوقف .




الخدمات العلمية