الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وشرط في أدائها ) أي هذه الفرائض قلت : وبه بلغت نيفا وعشرين : وقد نظم الشرنبلالي في شرحه للوهبانية للتحريمة عشرين شرطا ولغيرها ثلاثة عشر فقال : [ ص: 452 ] شروط لتحريم حظيت بجمعها مهذبة حسنا مدى الدهر تزهر     دخول لوقت واعتقاد دخوله
وستر وطهر والقيام المحرر     ونية إتباع الإمام ونطقه
وتعيين فرض أو وجوب فيذكر     بجملة ذكر خالص عن مراده
وبسملة عرباء إن هو يقدر     وعن ترك هاو أو لهاء جلالة
وعن مد همزات وباء بأكبر     وعن فاصل فعل كلام مباين
وعن سبق تكبير ومثلك يعذر     فدونك هذي مستقيما لقبلة
لعلك تحظى بالقبول وتشكر     فجملتها العشرون بل زيد غيرها
وناظمها يرجو الجواد فيغفر     وأزكى صلاة مع سلام لمصطفى
ذخيرة خلق الله للدين ينصر     وألحقتها من بعد ذاك لغيرها
ثلاثة عشر للمصلين تظهر     قيامك في المفروض مقدار آية
وتقرأ في ثنتين منه تخير     وفي ركعات النفل والوتر فرضها
ومن كان مؤتما فعن تلك يحظر     وشرط سجود فالقرار لجبهة
وقرب قعود حد فصل محرر     وبعد قيام فالركوع فسجدة
وثانية قد صح عنها تؤخر     على ظهر كف أو على فضل ثوبه
إذا تطهر الأرض الجواز مقرر     سجودك في عال فظهر مشارك
لسجدتها عند ازدحامك يغفر     أداؤك أفعال الصلاة بيقظة
. وتمييز مفروض عليك مقرر     ويختم أفعال الصلاة قعوده
وفي صنعه عنها الخروج محرر

[ ص: 453 - 455 ] ( الاختيار ) أي الاستيقاظ ، أما لو ركع أو سجد ذاهلا كل الذهول أجزأه ( فإن أتى بها ) أو بأحدها بأن قام أو قرأ أو ركع أو سجد أو قعد الأخير ( نائما لا يعتد ) بما أتى ( به ) بل يعيده ولو القراءة أو القعدة على الأصح ، وإن لم يعده تفسد لصدوره لا عن اختيار ، فكان وجوده كعدمه والناس منه غافلون ، [ ص: 456 ] فلو أتى النائم بركعة تامة تفسد صلاته لأنه زاد ركعة وهي لا تقبل الرفض .

ولو ركع أو سجد فنام فيه أجزأه لحصول الرفع ( منه ) والوضع بالاختيار

التالي السابق


مطلب مجمل الكتاب إذا بين بالظني فالحكم بعده مضاف إلى الكتاب

وقد صرح في العناية بأن المجمل من الكتاب إذا لحقه البيان بالظني كان الحكم بعده مضافا إلى الكتاب لا إلى البيان في الصحيح ، ولذا قلنا بفرضية القعدة الأخيرة المبينة بخبر الواحد ، ولم نقل بفرضية الفاتحة بخبر الواحد أيضا ، لأن قوله تعالى { - فاقرءوا ما تيسر - } خاص لا مجمل ا هـ ملخصا والحاصل أن الركوع والسجود خاصان عندهما مجملان عنده ، وبهذا يندفع الإشكال من أصله ، لكن يبقى الخلاف على حاله ، والله أعلم ( قوله أي هذه الفرائض ) أي المذكور في المتن ، لأن الضمير في كلام المصنف راجع إليها ، ويشمل القعدة الأخيرة على القول بركنيتها كما قدمناه من ثمرة الخلاف ( قوله قلت وبه ) أي وبذكر هذا الفرض وهو الاختيار الآتي في المتن ، وكان عليه أن يذكر هذا قبيل قوله ولها واجبات فيسلم من عود الضمير على المتأخر الموجب لركاكة التركيب ح ( قوله نيفا وعشرين ) النيف بالتشديد كهين ويخفف : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني ، وأراد هنا أحدا وعشرين ثمانية تقدمت في المتن وهذا تاسعها واثني عشر في الشرح يجعل ترتيب القعود فرضا مستقلا كما قدمناه فافهم ( قوله في شرحه للوهبانية ) وكذا في رسالته المسماة در الكنوز فإنه ذكر فيها هذا النظم وزاد عليه نظم الواجبات والسنن والمندوبات ومسائل أخر وشرح الجميع . بحث شروط التحريمة

( قوله للتحريمة عشرين شرطا ) بعضها فيما يتعلق بلفظها ، وباقيها شروط للصلاة اشترطت لها على ما اختارهالشارح لاتصالها بالأركان ، وقدمنا الكلام عليه ( قوله ولغيرها ) أي غير التحريمة وهو الصلاة والكل في الحقيقة . [ ص: 452 ] شروط لصحة الصلاة ، إلا أن هذه الثلاثة عشر لا مدخل فيها للتحريمة فلذا فصلها عما قبلها ( قوله شروط ) مبتدأ سوغ الابتداء به وصفه بقوله ( لتحريم ) وبقوله ( حظيت ) بالبناء للمجهول وتاء الخطاب أو التكلم أي أعطيت حظوة بالضم أو الكسر : أي مكانة أو حظا ( بجمعها مهذبة ) منقاة مصلحة منصوب على الحال من الهاء ( حسنا ) بفتح أوله ممدودا قصر للضرورة حال أيضا أو مرفوع على الوصفية أيضا ، أو بالضم والقصر منصوب على التمييز ( مدى الدهر ) ظرف لقوله ( تزهر ) من باب منع : أي تتلألأ وتضيء ( دخول ) خبر المبتدأ ( لوقت ) أي وقت المكتوبة إن كانت التحريمة لها ( واعتقاد دخوله ) أو ما يقوم مقام الاعتقاد من غلبة الظن .

فلو شرع شاكا فيه لا تجزيه وإن تبين دخوله ( وستر ) العورة ( وطهر ) من حدث ونجاسة مانعة في بدن وثوب ومكان وكذا يشترط اعتقاد ذلك ; فلو صلى على أنه محدث أو أن ثوبه مثلا نجس فبان خلافه لم يجز كما مر عند قوله وإن شرع بلا تحر إلخ : قال ح : وينبغي أن يكون الستر كذلك ( والقيام ) لقادر في غير نفل وفي سنة فجر ( المحرر ) بأن لا تنال يداه ركبتيه كما مر ، فلو أدرك الإمام راكعا فكبر منحنيا لم تصح تحريمته ( ونية إتباع الإمام ) أنت خبير بأن هذا شرط لصحة الاقتداء لا لصحة التحريمة لأنه إذا لم ينو المتابعة صح شرعه منفردا ، لكنه إذا ترك القراءة أصلا تبطل صلاته ، نعم يشترط لصحة التحريمة نية مطلق الصلاة ولم يذكره ، فكان ينبغي أن يقول ونيته أصل الصلاة .

إلا أن يقال إتباع بالرفع بإسقاط العاطف فيكون بيانا لأنه يشترط أن يكون بتحريمته تابعا لإمامه لا سابقا عليه ( ونطقه ) اعترض بأن النطق ركن التحريمة فكيف يكون شرطا ؟ وأجيب بأن المراد نطقه على وجه خاص ، وهو أن يسمع بها نفسه ، فمن همس بها أو أجراها على قلبه لا تجزيه ، وكذا جميع أقوال الصلاة من ثناء وتعوذ وبسملة وقراءة وتسبيح وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكعتاق وطلاق ويمين كما أفاده الناظم ط ( وتعيين فرض ) أي أنه ظهر أو عصر مثلا ( أو وجوب ) كركعتي الطواف والعيدين والوتر والمنذور وقضاء نفل أفسده ; واحترز به عن النفل فإنه يصح بمطلق النية حتى التراويح على المعتمد كما مر في بحث النية ( فيذكر ) أي ينطلق ، وأعاده ليعلق به قوله ( بجملة ذكر ) ك الله أكبر ، فلا يصير شارعا بأحدهما في ظاهر الرواية على ما سيأتي في أول الفصل الآتي ( خالص عن مراده ) أي غير مشوب بحاجته ، فلا يصح باستغفار نحو : اللهم اغفر لي ; بخلاف اللهم فقط ، فإنه يصح في الأصح كيا الله كما سيأتي ( وبسملة ) بالجر عطفا على مراده : أي وخالص عن بسملة : فلا يصح الافتتاح بها في الصحيح كما نقله الناظم عن العناية ، وكذا بتعوذ وحوقلة كما سيأتي ( عرباء ) نعت لجملة : أي بجملة عربية ( إن هو يقدر ) على الجملة العربية ، فلا يصح شروعه بغيرها إلا إذا عجز فيصح بالفارسية كالقراءة لكن سيأتي أنه يصح الشروع بغير العربية وإن قدر عليها [ ص: 453 ] اتفاقا بخلاف القراءة .

وأن هذا مما يشتبه على كثيرين حتى الشرنبلالي في كل كتبه ( وعن ترك هاو ) عطف على قوله عن مراده ، وكذا المجرورات بعن الآتية ( أو لهاء جلالة ) قال الناظم : المراد بالهاوي الألف الناشئ بالمد الذي في اللام الثانية من الجلالة ، فإذا حذفه الحالف أو الذابح أو المكبر للصلاة أو حذف الهاء من الجلالة اختلف في انعقاد يمينه وحل ذبيحته وصحة تحريمته ، فلا يترك احتياطا ( وعن مد همزات ) أي همزة الله وهمزة أكبر إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد لأنه يصير استفهاما ، وتعمده كفر ، فلا يكون ذكرا ، فلا يصح الشروع به ، وتبطل الصلاة به لو حصل في أثنائها في تكبيرات الانتقالات ( وباء ب أكبر ) أي وخالص عن مد باء أكبر لأنه يكون جمع كبر وهو الطبل ، فيخرج عن معنى التكبير ، أو هو اسم للحيض أو للشيطان ، فتثبت الشركة ، فتعدم التحريمة قاله الناظم .

( وعن فاصل ) بين النية والتحريمة ( فعل كلام ) بدلان من فاصل على حذف العاطف من الثاني ( مباين ) نعت لفاصل ، فإذا نوى ثم عبث بثيابه أو بدنه كثيرا ، أو أكل ما بين أسنانه وهو قدر الحمصة ، أو تناول من خارج ولو قليلا ، أو شرب ، أو تكلم وإن لم يفهم ، أو تنحنح بلا عذر ثم كبر وقد غابت النية عن قلبه لم يصح شروعه . واحترز عن غير المباين ، كما لو توضأ ومشى إلى المسجد بعد النية كما مر في محله ( وعن سبق تكبير ) على النية خلافا للكرخي كما مر ، أو سبق المقتدي الإمام به ، فلو فرغ منه قبل فراغ إمامه لم يصح شروعه ، والأول أولى لما مر في توجيه قوله إتباع الإمام ( ومثلك يعذر ) بفتح أوله وضم ثالثه مبنيا للفاعل ، يعني أنت تعذر إذا رأيت معنى بعيد المأخذ من اللفظ فإنك من خيار الناس ، وخير الناس من يعذر ، فالمراد التماس العذر من المطلع على نظمه ط : أي لأن ضيق النظم يلجئ إلى التعبير ببعيد المعنى ( فدونك ) أي خذ ( هذي ) المذكورات ( مستقيما لقبلة ) إلا لعذر أو لتنفل راكب خارج مصر ( لعلك تحظى بالقبول وتشكر ) بالبناء للفاعل أو المفعول ( فجملتها العشرون بل زيد غيرها ) كنية مطلق الصلاة وتمييز المفروض كما مر واعتقاد طهارته من حدث أو خبث .

( وناظمها يرجو الجواد ) كجراد : كثير الجود ( فيغفر ) أي فهو يغفر لراجيه ( وألحقتها من بعد ذاك ) المذكور من البيان ( لغيرها ) أي غير التحريمة وهو الصلاة ( ثلاثة عشر ) بإسكان الشين لغة في فتحها وبالتنوين للضرورة ط ( للمصلين ) متعلق بقوله ( تظهر ) وهي ( قيامك ) عند عدم عذر ( في المفروض ) أي في الصلاة المفروضة ، وكذا ما ألحق بها من الواجب وسنة الفجر ، وذكر الضمير باعتبار كون الصلاة فعلا ( مقدار آية ) على قول الإمام المعتمد ط ( وتقرأ في ثنتين منه ) أي من المفروض : أي ركعاته ( تخير ) أي متخيرا في إيقاع القراءة في أي ركعتين منه ، والمقام لبيان الفرائض . فلا يرد أن تعيين القراءة في الأوليين واجب .

[ ص: 454 ] وفي ركعات النفل والوتر فرضها ) أي فرض القراءة كائن في جميع ركعات النفل لأن كل ركعتين من صلاة على حدة والوتر لأنه شابه السنن من حيث إنه لا يؤذن له ولا يقام . واعلم أن حكم المنذور حكم النفل ، حتى لو نذر أربع ركعات بتسليمة واحدة لزمه القراءة في أربعها لأنه نفل في نفسه ووجوبه عارض ح ( ومن كان مؤتما فهن تلك ) القراءة التي قلنا إنها فرض ( يحظر ) أي يمنع ، فتكره له تحريما لأن قراءة الإمام له قراءة ، فالقراءة فرض على غير المؤتم ، فهذا في موقع الاستثناء مما قبله ( وشرط سجود ) مبتدأ ومضاف إليه ( فالقرار ) خبر بزيادة الفاء ( لجبهة ) أي يفترض أن يسجد على ما يجد حجمه بحيث إن الساجد لو بالغ لا يتسفل رأسه أبلغ مما كان عليه حال الوضع ، فلا يصح على نحو الأرز والذرة ، إلا أن يكون في نحو جوالق ، ولا على نحو القطن والثلج والفرش إلا إن وجد حجم الأرض بكبسه ( وقرب قعود حد فصل محرر ) يعني الحد الفاصل بين السجدتين أن يكون إلى القعود أقرب وهو الرابع من الثلاثة عشر ، هذا البيت ساقط من بعض النسخ .

وذكره الناظم في در الكنوز مؤخرا عن الذي بعده ، وهو الأنسب ( وبعد قيام فالركوع فسجدة ) أي يفترض بعد القيام الركوع ، وكذا السجود ، وكذا الترتيب المفاد بالبعدية وبالفاء . أي يفترض ترتيب القيام على الركوع والركوع على السجود كما مر ( وثانية ) مبتدأ ( قد صح ) جملة معترضة ( عنها ) متعلق بقوله ( تؤخر ) والجملة خبر المبتدإ ، يعني والسجدة الثانية يصح أن تؤخر الأولى إلى آخر الصلاة لأن مراعاة الترتيب بينهما واجبة كما سيأتي . والأوضح في إفادة هذا المعنى أن يقال وثانية قد صح فيها التأخر . وحاصل كلامه أن مراعاة الترتيب بين المتكرر في كل الصلاة فرض كالقيام والركوع والسجود ، بخلاف المتكرر في كل ركعة كالسجدتين ( على ظهر ) متعلق بقوله فسجدة ، كذا قاله الناظم . والأولى تعلقه بقوله الآتي الجواز ( كف ) أي كف نفسه ( أو على فضل ثوبه أو على كور عمامته إذا تظهر الأرض ) التي تحت الكف أو فاضل الثوب ( الجواز مقرر ) لكن يكره إن كان بلا عذر كما سيأتي .

وحاصل البيت أن الفرض الثامن طهارة موضع السجود ولو كان على شيء متصل بالمصلي ككفه وثوبه لأنه باتصاله لا يعد حائلا بينه وبين النجاسة ( سجودك ) مبتدأ ( في ) أي على مكان ( عال ) أي مرتفع عن حد الجواز المقدر بنصف ذراع الذي لا يغتفر بلا ضرورة السجود على أرفع منه ( فظهر ) الأولى الإتيان بالواو ، وتكون بمعنى أو أي وسجودك على ظهر مصلي صلاتك ( مشارك ) لك ( ولسجدتها ) اللام بمعنى في : أي بشرط أن يكون ساجدا مثلك ، لكن سجوده على الأرض ( عند ازدحامك ) متعلق بقوله سجودك أو بقوله أ ( يغفر ) والجملة خبر المبتدإ . وحاصل البيت بيان الفرض التاسع ، وهو أن لا يكون سجوده على مرتفع عن نصف ذراع إلا لضرورة زحمة ( أداؤك ) مبتدأ وخبره محذوف دل عليه خبر المبتدإ الآتي ( أفعال الصلاة ) أي أركانها ( بيقظة ) وسيأتي [ ص: 455 ] الكلام عليه قريبا .

( وتمييز مفروض ) مبتدأ أي تمييز الخمس المفروضة عن غيرها وتقدم بيانه ، وكان ينبغي ذكره في شروط التحريمة ( عليك ) متعلق بمحذوف خبر المبتدإ أو بقوله ( مقرر ) وهو الخبر ( ويختم أفعال الصلاة قعوده ) فاعل يختم ( وفي صنعه ) وفي بمعنى الباء وهو متعلق بالخروج ، وكذا قوله ( عنها ) أي عن الصلاة ( الخروج ) مبتدأ خبره قوله ( محرر ) قال الناظم : والخروج بصنع المصلي فرض عند الإمام الأعظم ، وهو المحرر عند المحققين من أئمتنا ، وقد بسطنا الكلام عليه في رسالة سميتها [ المسائل البهية الزكية على الاثني عشرية ] ا هـ وتقدم بعض الكلام على ذلك ، والله الموفق .

( قوله الاختيار ) بالرفع على أنه نائب فاعل شرط السابق في كلام المصنف ( قوله أي الاستيقاظ ) تفسير باللازم لأنه يلزم من الاستيقاظ الاختيار ح ، وإنما فسر به ليشير إلى أن ما يحصل مع الغفلة والسهو لا ينافي الاختيار فلذا قال أما لو ركع إلخ رحمتي ( قوله ذاهلا كل الذهول ) بأن كان قلبه مشغولا بشيء فإنه لا شك أنه أتى بالركوع والسجود باختياره ولكنه غافل عنهما ونظيره الماشي ، فإن رجليه وكثيرا من أعضائه يتحرك بمشيه المختار له ولا شعور له بذلك قال ح : والظاهر أن الناعس كالذاهل فليراجع ( قوله أو قعد الأخير ) صفة لمفعول مطلق محذوف أي أو قعد القعود الأخير ح ( قوله بل يعيده ) وهل يسجد للسهو لتأخير الركن : الظاهر نعم ، فراجعه رحمتي ( قوله على الأصح ) أما في القراءة فهو ما اختاره فخر الإسلام وصاحب الهداية وغيرهما ونص في المحيط والمبتغى على أنه الأصح لأن الاختيار شرط أداء العبادة ولم يوجد حالة النوم .

وقال الفقيه أبو الليث : يعتد بها لأن الشرع جعل النائم كالمستيقظ في حق الصلاة ، والقراءة ركن زائد يسقط في بعض الأحوال ، فجاز أن يعتد بها في حالة النوم ، واستوجهه في الفتح : وأجاب عن تعليل القول الأول بقوله والاختيار المشروطة قد وجد في ابتداء الصلاة ، وهو كاف ، ألا ترى أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول أنه تجزيه . ا هـ .

قال في شرح المنية : والجواب أنا نمنع كون الاختيار في الابتداء كافيا ، ولا نسلم أن الذاهل غير مختار . ا هـ . على أنه يلزم من الاكتفاء بالاختيار في الابتداء أنه لو ركع وسجد حالة النوم يجزيه ، وقد قال في المبتغى : ركع وهو نائم لا يجوز إجماعا وصريح كلام ابن أمير حاج في الحلية ترجيح كلام الفقيه للجواب الذي ذكره شيخه في الفتح حتى رد به ما في المبتغى ، ثم قال : وقد عرف من هذا أيضا جواز القيام في حالة النوم أيضا وإن نص بعضهم على عدم جوازه . ا هـ . وتبعه في البحر ، لكن قد علمت ما في كلام الفتح بما نقلناه عن شرح المنية فالأولى اتباع المنقول ، والله أعلم . وأما في القعدة فقد ذكر في الحلية عن التحقيق للشيخ عبد العزيز البخاري أنه لا نص فيها عن محمد ، وأنه قيل إنها يعتد بها ، وقيل لا . ورجح في الحلية الأول بناء على ما قدمه من جواب شيخه وقال إنه اقتصر عليه في جامع الفتاوى ا هـ واقتصر على الثاني في المنية . وقال شارحها الشيخ إبراهيم : إنه الأصح . وفي المنح أنه المشهور وبه جزم الشرنبلالي في نظمه المار وفي نور الإيضاح ( قوله تفسد ) أي الصلاة ( قوله لصدوره ) أي ما أتى به [ ص: 456 ] قوله فلو أتى ) أي في حالة النوم ( قوله ولو ركع إلخ ) تفريع على مفهوم قوله فإن أتى بها نائما لا يعتد به فإنه يفيد أنه لو نام بعدما ركع أو سجد اعتد به ( قوله لحصول الرفع والوضع ) كذا في الحلية والبحر عن المحيط والأظهر ذكر الانحناء بدل الرفع . وقال ط : هذا بناء على اشتراط الرفع في الركوع ، أما على القول بأنه سنة أو واجب فلا يظهر .




الخدمات العلمية