الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون

قوله تعالى : أوكلما عاهدوا عهدا الواو واو العطف ، دخلت عليها ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء في قوله : أفحكم الجاهلية ، أفأنت تسمع الصم ، أفتتخذونه وذريته . وعلى ثم كقوله : أثم إذا ما وقع هذا قول سيبويه . وقال الأخفش : الواو زائدة . ومذهب الكسائي أنها أو ، حركت الواو منها تسهيلا . وقرأها قوم أو ، ساكنة الواو ، فتجيء بمعنى بل ، كما يقول القائل : لأضربنك ، فيقول المجيب : أو يكفي الله . قال ابن عطية : وهذا كله متكلف ، والصحيح قول سيبويه . كلما نصب على الظرف ، والمعني في الآية مالك بن الصيف ويقال فيه ابن الضيف ، كان قد قال : والله ما أخذ علينا عهد في كتابنا أن نؤمن بمحمد ولا ميثاق ، فنزلت الآية . وقيل : إن اليهود عاهدوا لئن خرج محمد لنؤمن به ولنكونن معه على مشركي العرب ، فلما بعث كفروا به . وقال عطاء : هي العهود التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود فنقضوها كفعل قريظة والنضير ، دليله قوله تعالى : الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون .

قوله تعالى : نبذه فريق منهم النبذ : الطرح والإلقاء ، ومنه النبيذ والمنبوذ ، قال أبو الأسود :

وخبرني من كنت أرسلت إنما أخذت كتابي معرضا بشمالكا     نظرت إلى عنوانه فنبذته
كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا



[ ص: 40 ] آخر :

إن الذين أمرتهم أن يعدلوا     نبذوا كتابك واستحلوا المحرما



وهذا مثل يضرب لمن استخف بالشيء فلا يعمل به ، تقول العرب : اجعل هذا خلف ظهرك ، ودبرا منك ، وتحت قدمك ، أي اتركه وأعرض عنه ، قال الله تعالى : واتخذتموه وراءكم ظهريا . وأنشد الفراء :

تميم بن زيد لا تكونن حاجتي     بظهر فلا يعيا علي جوابها



بل أكثرهم ابتداء . لا يؤمنون فعل مستقبل في موضع الخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية