الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأمن ) بمد وقصر وإمالة ولا تفسد بمد مع تشديد أو حذف ياء بل بقصر مع أحدهما أو بمد معهما ، وهذا مما تفردت بتحريره ( الإمام سرا كمأموم ومنفرد ) ولو في السرية إذا سمعه [ ص: 493 ] ولو من مثله في نحو جمعة وعيد . وأما حديث { إذا أمن الإمام فأمنوا } فمن التعليق بمعلوم الوجود ، فلا يتوقف على سماعه منه ، بل يحصل بتمام الفاتحة بدليل { إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين }

التالي السابق


( قوله وأمن ) هو سنة للحديث الآتي المتفق عليه كما في شرح المنية وغيره . واتفقوا على أنه ليس من القرآن كما في البحر ( قوله بمد ) هي أشهرها وأفصحها وقصر وهي مشهورة ، ومعناه استجب ط ( قوله وإمالة ) أي في المد لعدم تأتيها في القصر ح ، وحقيقة الإمالة أن ينحي بالفتحة نحو الكسر فتميل الألف إن كان بعدها ألف نحو الياء أشموني ( قوله ولا تفسد إلخ ) أشار به إلى أن الكلام في نفي الفساد لا في تحصيل السنة ، فإن السنة لا تحصل إلا بالثلاثة الأول كما أفاده ط ( قوله بمد مع تشديد أو حذف ياء ) أي حالة كون المد مصاحبا لأحدهما لا لكل منهما ، ففيه صورتان :

الأولى : المد ، مع التشديد بلا حذف ، فلا يفسد على المفتى به عندنا لأنه لغة فيها حكاها الواحدي ولأنه موجود في القرآن ولأن له وجها ، كما قال الحلواني : إن معناه ندعوك قاصدين إجابتك لأن معنى آمين قاصدين . وأنكر جماعة من مشايخنا كونها لغة وحكم بفساد الصلاة بحر .

والصورة الثانية : المد مع حذف الياء بلا تشديد لوجوده في قوله تعالى { ويلك آمن } كما في الإمداد ، فأوفى كلامه لمنع الجمع فقط لأنه لو أتى بالمد جامعا بين التشديد والحذف تفسد كما نبه عليه بعد ، ولو كانت لمنع الخلو أيضا بأن أتى بالمد خاليا عن التشديد والحذف لزم التكرار لأنه اللغة الفصحى المتقدمة فافهم ( قوله بل يقصر مع أحدهما ) أي مع التشديد بلا حذف الياء وهو آمين لعدم وجوده في القرآن أو مع حذف الياء بلا تشديد وهو أمن ، وفيه نظر لوجوده في قوله تعالى { - فإن أمن - } ح أي ولذلك لم يذكره في البحر والنهر . هذا . وذكر في الحلية الأول . لغة ضعيفة فقال : وقصرها وتشديد الميم حكاها بعضهم عن ابن الأنباري واستضعفت ، ويظهر أن الأشبه فساد الصلاة بها ا هـ . ( قوله أو بمد معهما ) أي مع التشديد وحذف الياء وهو آمن فإنه مفسد لعدم وجوده في القرآن . وحاصل ما ذكره ثمانية أوجه : خمسة صحيحة ، وثلاثة مفسدة ، وبقي تاسع وهو أمن بالقصر مع التشديد والحذف ، وهو مفسد لعدم وجوده في القرآن ، ولو قال الشارح وبمد أو قصر معهما لاستوفى ح . قلت : وقد ذكر هذا التاسع مع الثامن في البحر ، وقال : ولا يبعد فساد الصلاة فيهما ( قوله الإمام سرا ) أشار بالأول إلى خلاف مالك في تخصيص المؤتم بالتأمين دون الإمام .

وهو رواية الحسن عن الإمام ، وبالثاني إلى خلاف الشافعي أنه يأتي بها كل منهما جهرا ، وقوله كمأموم ومنفرد محل اتفاق فلذا أتى بالكاف ( قوله ولو في السرية ) [ ص: 493 ] أي لإطلاق الأمر في الحديث الآتي ، وهذا راجع إلى المأموم ، وكان ينبغي ذكره عقبه ، وقيل لا يؤمن المأموم في السرية ولو سمع الإمام لأن ذلك الجهر لا عبرة به ( قوله ولو من مثله ) أي من مقتد مثله ، بأن كان مثله قريبا من الإمام يسمع قراءته فأمن ذلك المقتدي تأمين مثله القريب من الإمام فيؤمن لأن المناط العلم بتأمين الإمام ( قوله في نحو جمعة وعيد ) أشار بنحو إلى أن التقييد بالجمعة والعيد كما وقع في الجوهرة غير قيد كما بحثه في الشرنبلالية بقوله ينبغي أن لا يختص بهما بل الحكم في الجماعة الكثيرة كذلك ( قوله أما حديث إلخ ) هو ما رواه الشيخان { إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } وهو مفيد تأمينهما ، لكن في حق الإمام بالإشارة لأن النص لم يسق له ، وفي حق المأموم بالعبارة لأنه سيق لأجله بحر ، ثم مراد الشارح الجواب عن قول الشافعي : إن الحديث دليل على جهر الإمام بالتأمين لأنه علق تأمينهم بتأمينه . والجواب أن موضع التأمين معلوم فإذا سمع لفظة - { ولا الضالين } - كفى لأن الشارع طلب من الإمام التأمين بعده ، فصار من التعليق بمعلوم الوجود ، وتمام الأدلة في المطولات .

ويظهر من هذا أن من كان بعيدا عن الإمام لا يسمع قراءته أصلا لا يؤمن كما في البحر : أي لعدم سماعه موضع التأمين ، اللهم إلا أن يسمع من مثله كما مر في السرية ( قوله فقولوا آمين ) تمام الحديث { فإن الملائكة تقول آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } رواه عبد الرزاق والنسائي وابن حبان حلية . وفي شرح مسلم للنووي : الصحيح الصواب أن المراد الموافقة للملائكة في وقت التأمين ، وقيل في الصفة والخشوع والإخلاص ، ثم قيل هم الحفظة ، وقيل غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر { فوافق قوله قول أهل السماء }




الخدمات العلمية