الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين ، ومن فاتته في الحضر قضاها في السفر أربعا ) ; لأن القضاء بحسب الأداء ، والمعتبر في ذلك آخر الوقت ; لأنه المعتبر في السببية عند عدم الأداء في الوقت

.

التالي السابق


( قوله : لأنه ) أي آخر الوقت هو المعتبر في السببية في حق [ ص: 46 ] المكلف ; لأنه أوان تقرره دينا في ذمته ، وصفة الدين تعتبر حال تقرره كما في حقوق العباد ، وأما اعتبار كل الوقت إذا خرج في حقه فليثبت الواجب عليه بصفة الكمال إذ الأصل في أسباب المشروعات أن تطلب العبادات كاملة ، وإنما تحمل نقصها لعروض تأخيره إلى الجزء الناقض مع توجه طلبها فيه إذا عجز عن أدائها قبله ، وبخروجه عن غير إدراك لم يتحقق ذلك العارض فكان الأمر على الأصل من اعتبار وقت الوجوب . وقال زفر : إذا سافر وقد بقي من الوقت قدر ما يمكنه أن يصلي فيه صلاة السفر يقضي صلاة السفر ، وإن كان الباقي دونه صلى صلاة المقيم لما علم من أن مذهبه أن السببية لا تنتقل من ذلك الجزء ، وعندنا تنتقل إلى الذي يسع التحريمة وقد أسلفناه ، وعلى هذا قالوا فيمن صلى الظهر وهو مقيم أربعا ثم سافر وصلى العصر ركعتين ثم تذكر أنه ترك شيئا في منزله فرجع فتذكر أنه صلى الظهر والعصر بلا طهارة فإنه يصلي الظهر ركعتين والعصر أربعا ; لأن صلاة الظهر صارت كأنها لم تكن وصارت دينا في الذمة في آخر وقتها وهو مسافر فيه فصارت في ذمته صلاة السفر ، بخلاف العصر فإنه خرج وقتها وهو مقيم ، ولا يشكل على هذا المريض إذا فاتته صلاة في مرضه الذي لا يقدر فيه على القيام فإنه يجب أن يقضيها في الصحة قائما ; لأن الوجوب بقيد القيام غير أنه رخص له أن يفعلها حالة العذر بقدر وسعه إذ ذاك ، فحيث لم يؤدها حالة العذر زال سبب الرخصة فتعين الأصل ، ولذلك يفعلها المريض قاعدا إذا فاتت عن زمن [ ص: 47 ] الصحة ، أما صلاة المسافر فإنها ليست إلا ركعتين ابتداء ، ومنشأ الغلط اشتراك لفظ الرخصة .




الخدمات العلمية