الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ثم إن عمر رضي الله عنه أذن في الانسياح في بلاد فارس في هذه السنة ، وانتهى في ذلك إلى رأي الأحنف بن قيس الذي قدمنا ذكره ، فأمر الأمراء وبعث إليهم الألوية ليخرجوا إلى الكور ، فلم يستتب مسيرهم حتى دخلت سنة ثمان عشرة ، وأمدهم عمر ، وكان يزدجرد بن شهريار بن كسرى وهو يومئذ ملك أهل فارس لما انهزم أهل جلولاء خرج يريد الري ، ثم خرج إلى أصبهان ، ثم إلى خراسان ، فنزل مرو ، وبنى للنار بيتا ، واتخذ بستانا ، وبنى فرسخين من مرو إلى البستان ، واطمأن في نفسه ، وأمن أن يؤتى ، وكاتب من بقي من الأعاجم مما لم يفتحه المسلمون ، فدانوا له . [ ص: 237 ]

وفي هذه السنة تزوج عمر رضي الله عنه أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه .

وهي ابنة فاطمة رضي الله عنها ، وكان قد خطبها إلى علي ، فقال: يا أمير المؤمنين إنها صبية ، فقال: إنك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك ، فأمر علي بها فصنعت ، ثم أمر ببرد فطواه ، ثم قال: انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي: أرسلني أبي إليك وهو يقرئك السلام ويقول إن رضيت البرد فأمسكه ، وإن سخطته فرده ، فلما أتت عمر قال: بارك الله فيك وفي أبيك قد رضينا . قالت: فرجعت إلى أبيها ، فقالت: ما نشر البرد وما نظر إلا إلي ، فزوجها إياه ، ولم تكن قد بلغت ، فدخل بها في ذي القعدة ، ثم ولدت له زيدا .

[أخبرنا ابن الحصين ، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، قال: حدثني جعفر بن محمد بن كزال ، قال: حدثنا إسحاق بن المنذر ، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الأنصاري ، قال: حدثنا محمد بن المنكدر ] ، عن جابر بن عبد الله ، قال: تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أربعين ألف درهم .

[أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بإسناده] عن الزبير بن بكار ، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب أم كلثوم إلى علي بن أبي طالب ، فقال له [علي]: إنها صغيرة ، فقال له عمر: زوجنيها يا أبا الحسن ، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد ، فقال له علي: أنا أبعثها إليك ، فإن رضيتها زوجتكها ، فبعثها إليه ببرد ، وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك ، فقالت ذلك لعمر ، فقال: قولي: قد رضيته رضي الله عنك ، وضع يده على ساقها وكشفها ، فقالت له: أتفعل هذا ، لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثم خرجت حتى جاءت أباها ، فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء ، فقال: مهلا يا بنية ، فإنه زوجك ، فجاء عمر بن الخطاب إلى مجلس [ ص: 238 ] المهاجرين في الروضة ، وكان يجلس فيه المهاجرون الأولون ، فجلس إليهم ، فقال لهم: رفئوني ، فقالوا: لماذا يا أمير المؤمنين ، قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري ، فكان لي به السبب والنسب ، وأردت أن أجمع إليه الصهر ، فرفئوه رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية