الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4525 4803 - حدثنا الحميدي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: والشمس تجري لمستقر لها [ يس: 38] قال: " مستقرها تحت العرش". [ انظر:3199 - مسلم:159 - فتح: 8 \ 541]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - قال له: "يا أبا ذر ، أتدري أين تغرب الشمس؟ ".

                                                                                                                                                                                                                              الحديث سلف في بدء الخلق، ويأتي في التوحيد.

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه أيضا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه إخبار عن سجودها تحت العرش ولا ينكر أن يكون ذلك عند محاذاتها في مسيرها للعرش، وقد ورد في القرآن سجود الشمس والقمر والنجوم، وليس ذلك بمخالف لقوله: تغرب في عين حمئة [ الكهف: 86] ;

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 158 ] لأن المذكور في الآية إنما هو نهاية مدرك البصر إياها حال الغروب، ومصيرها تحت العرش للسجود إنما هو بعد غروبها، فلا تعارض، وليس معنى في عين حمئة سقوطها فيها، وإنما هو خبر عن الغاية التي بلغها [ ذو] القرنين في مسيره حتى لم يجد وراءها مسلكا لها فوقها، أو على سمتها، كما يرى غروبها من كان في لجة البحر لا يبصر الشاطئ، كأنها تغرب في البحر وهي في الحقيقة تغيب وراءه، و ( في ) هنا بمعنى ( فوق )، ومعنى ( حمئة ): ذات حمأة، ومن قرأ ( حامية )، فقيل: هو مشتق منه وسهل الهمزة، وقيل: معناه: حارة وقيل: يجوز أن تكون حارة وهي ذات حمأة، وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر، وأن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها فتقام حروف الصفة مقام الموصوف، والله أعلم به بما أراد.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( لمستقر لها ) أي: إلى مستقر لها، قال ابن عباس : لا تبلغ مستقرها حتى ترجع إلى منازلها. وقال قتادة : إلى وقت واحد لها لا تعدوه، وقيل: إلى إنهاء أمرها عند انقضاء الدنيا، وقيل: إلى أبعد منازلها في الغروب، وقد سلف هناك أنه قرئ: ( لا مستقر لها ) أي: لا قرار لها، فهي جارية أبدا.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: مستقرها: غاية ما ينتهي إليه صعودها وارتفاعها لأطول يوم في الصيف وأقصر يوم في الشتاء.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 159 ] قال الخطابي : وأما قوله: "مستقرها تحت العرش" فلا ينكر أن يكون لها استقرار تحته، لا نحيط به نحن، قال: ويحتمل أن يكون المعنى: إن علم ما سألت -عنه من مستقرها تحت العرش- في كتاب كتب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها، ( فتنقطع دون السماء ) وتستقر عند ذلك فيبطل فعلها، وهي اللوح المحفوظ الذي بين فيه أحوال الخلق والخليقة ومآل أمورهم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية