الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) اعلم أنه ( إذا فسد الاقتداء ) [ ص: 583 ] بأي وجه كان ( لا يصح شروعه في صلاة نفسه ) لأنه قصد المشاركة وهي غير صلاة الانفراد ( على ) الصحيح محيط ، وادعى في البحر أنه ( المذهب ) قال المصنف : لكن كلام الخلاصة يفيد أن هذا قول محمد خاصة . قلت : وقد ادعى فيما مر بعد تصحيح السراج بخلافه أن المذهب انقلابها نفلا فتأمل ، وحينئذ فالأشبه [ ص: 584 ] ما في الزيلعي أنه متى فسد لفقد شرط كطاهر بمعذور لم تنعقد أصلا ، وإن لاختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون ، وثمرته الانتقاض بالقهقهة

التالي السابق


( قوله بأي وجه كان ) أي سواء كان لفقد أهلية الإمام للإمامة كالمرأة والصبي ، أو لفقد شرط فيه بالنسبة إلى المقتدي كالمعذور والعاري ، أو لفقد ركن فيه كذلك كالمومي والأمي ، أو لاختلاف الصلاتين كالمتنفل بالمفترض ، ونحو ذلك من المسائل المارة ( قوله في صلاة نفسه ) أي في صلاة مستقل بها في حق نفسه غير تابع فيها للإمام لا فرضا ونفلا كما يدل عليه تفصيل الزيلعي كما أفاده ح ، وكذا يدل عليه تعليل الشارح وحكايته للقول بانقلابها نفلا .

( قوله وهي غير صلاة الانفراد ) لأن لها أحكاما غير الأحكام التي قصدها وحاصله : أنه إذا لم يصح شروعه فيما نوى لا يصح في غيره ( قوله وادعى في البحر أنه المذهب ) أي ما صححه في المحيط ومشى عليه المصنف في متنه ( قوله لكن كلام الخلاصة إلخ ) عبارة الخلاصة : وفي كل موضع لا يصح الاقتداء هل يصير شارعا في صلاة نفسه ؟ عند محمد لا . وعندهما يصير شارعا . ا هـ . ( قوله قلت وقد ادعى ) أي صاحب البحر فيما مر : أي في مسألة المحاذاة عند قول المتن في صلاة وقوله بعد تصحيح السراج بخلافه : أي خلاف ما ادعى في البحر هنا أنه المذهب ، والأولى حذف الباء أو إبدالها فاللام التقوية لأنه مفعول تصحيح ; وقوله أنه المذهب مفعول ادعى .

والحاصل : أن صاحب البحر نقل فيما مر عن السراج أنه لو اقتدت به المرأة في الظهر وهو يصلي العصر وحاذته بطلت صلاته على الصحيح ، وقال : لأن اقتداءها وإن لم يصح فرضا يصح نفلا على المذهب ، فكان بناء النفل على الفرض ا هـ وهو صريح في أنه إذا فسد الاقتداء بالفرض لم يفسد الشروع ، بل بقي الاقتداء بالنفل وإلا لم تفسد صلاته بمحاذاتها له ، وتصريحه بأن هذا هو المذهب مناقض لما ادعاه من أن المذهب ما في المحيط من عدم صحة الشروع ( قوله وحينئذ فالأشبه إلخ ) أي حين إذ اختلف كلام البحر في نقل ما هو المذهب ، ولا يمكن إهمال أحد النقلين ، فالأشبه بالقواعد ما في الزيلعي مما يناسب كلا منهما ويحصل به التوفيق بينهما ، بحمل ما صححه في المحيط من عدم صحة الشروع وأصلا على ما إذا كان فساد الاقتداء لفقد شرط أي أو نحوه مما يلزم به فساد صلاة المقتدي وبحمل ما صححه في السراج من صحة الاقتداء بالنفل وفساد الوصف أعني الفرضية فقط على ما إذا كان لاختلاف الصلاتين ; فلو قهقه في صلاته هذه لا ينتقض وضوءه في الوجه الأول وينتقض في الثاني . ثم اعلم أن ما ادعى الشارح أنه الأشبه قد رده في البحر ، حيث قال : ويرد هذا التفصيل ما ذكره الحاكم في كافيه من أن المرأة إذا نوت العصر خلف مصلي الظهر لم تجز صلاتها ولم تفسد على الإمام صلاته ا هـ فهو صريح في عدم صحة شروعها لاختلاف الصلاتين . وقال : أي الحاكم في موضع آخر : رجل قارئ دخل في صلاة أمي تطوعا أو في صلاة امرأة أو جنب أو على غير وضوء ثم أفسدها فليس عليه قضاؤها لأنه لم يدخل في صلاة تامة ا هـ مطلب الكافي للحاكم جمع كلام محمد في كتبه التي هي ظاهر الراوية

فعلم بهذا أن المذهب تصحيح المحيط من عدم صحة الشروع لأن الكافي جمع كلام محمد في كتبه التي هي ظاهر الرواية ا هـ كلام البحر . أقول : نعم ظاهر الفرع الأول مؤيد لما في المحيط ومخالف لما مر عن السراج ، وأما الفرع الثاني فلا ، بل الأمر [ ص: 584 ] فيه بالعكس لأن قوله ثم أفسدها صريح في صحة الشروع ، وقوله لأنه لم يدخل في صلاة تامة مؤيد لذلك لأنه يفيد دخوله في صلاة ناقصة أي في نفل غير مضمون ، ولذا قال ليس عليه قضاؤها ، وفي هذا الفرع رد على ما فصله الزيلعي لأن الفساد فيه لفقد شرط مع أنه صح شروعه كما علمت . ثم رأيت الرحمتي ذكر نحو ما ذكرته ولله الحمد . والحاصل أن في المسألة روايتين إحداهما صحة الشروع في صلاة نفسه وعليها ما في السراج . والفرع الثاني من فرعي الكافي والثانية عدم الصحة أصلا ، وعليها ما في المحيط ، والفرع الأول وهي الأصح كما في القهستاني عن المضمرات . وذكر في النهر أن ما في السراج جزم به غير واحد .




الخدمات العلمية