الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأذنيه ) معا ولو ( بمائه ) - - [ ص: 122 ] لكن لو مس عمامته فلا بد من ماء جديد

التالي السابق


( قوله : وأذنيه ) أي باطنهما بباطن السبابتين ، وظاهرهما بباطن الإبهامين قهستاني ( قوله : معا ) أي فلا تيامن فيهما كما سيذكره ( قوله : ولو بمائه ) قال في الخلاصة : لو أخذ للأذنين ماء جديدا فهو حسن ، وذكره ملا مسكين رواية عن أبي حنيفة .

قال في البحر : فاستفيد منه أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أنه إذا لم يأخذ ماء جديدا ومسح بالبلة الباقية هل يكون مقيما للسنة ؟ فعندنا نعم ، وعنده لا . أما لو أخذ ماء جديدا مع بقاء البلة فإنه يكون مقيما للسنة اتفاقا ا هـ وأقره في النهر .

أقول : مقتضاه أن مسح الأذنين بماء جديد أولى مراعاة للخلاف ; ليكون آتيا بالسنة اتفاقا ، وهو مفاد تعبير الشارح بلو الوصلية تبعا للشرنبلالي وصاحب البرهان ، وهذا مبني على تلك الرواية ، لكن تقييد سائر المتون بقولهم بمائه يفيد خلاف ذلك ، وكذا تقرير شراح الهداية وغيرها ، واستدلالهم { بفعله عليه الصلاة والسلام أنه أخذ غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه } وبقوله { الأذنان من الرأس } وكذا جوابهم عما روي أنه صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء جديدا بأنه يجب حمله على أنه لفناء البلة قبل الاستيعاب جمعا بين الأحاديث ، ولو كان أخذ الماء الجديد مقيما للسنة لما احتيج إلى ذلك .

وفي المعراج عن الخبازية : ولا يسن تجديد الماء في كل بعض من أبعاض الرأس ، فلا يسن في الأذنين بل أولى لأنه تابع ا هـ وفي الحلية : السنة عندنا وعند أحمد أن يكون بماء الرأس خلافا لمالك والشافعي وأحمد في رواية ا هـ وفي التتارخانية : ومن السنة مسحهما بماء الرأس ، ولا يأخذ لهما ماء جديدا . ا هـ . وفي الهداية والبدائع : وهو سنة بماء الرأس ، قال في العناية أي لا بماء جديد ، ومثله في شرح المجمع : وفي شرح الهدايةللعيني استيعاب الرأس بالمسح بماء واحد سنة ، ولا يتم بدونهما حيث جعلتا من الرأس أي كما في الحديث المار . وفي شرح الدرر للشيخ إسماعيل : ولو أفردا بالمسح بماء جديد كما قال الشافعي لصارا أصلين ، وذا لا يجوز . ا هـ . فقد ظهر لك أن ما مشى عليه الشارح مخالف للرواية المشهورة التي مشى عليها أصحاب المتون والشروح الموضوعة لنقل المذهب ، هذا ما ظهر لي .

[ ص: 122 ] ولم أر من نبه على ذلك فتدبره ، ثم بعد مدة رأيت المصنف نبه عليه في شرحه على زاد الفقير حيث قال بعد ذكره عبارة الخلاصة السابقة ما نصه ; قلت : قوله : ولو فعل فحسن ، مشكل لأنه يكون خلاف السنة ، وخلاف السنة كيف يكون حسنا ، والله أعلم ا هـ ( قوله : لكن إلخ ) ذكره في شرح المنية ، ولعله محمول على ما إذا انعدمت البلة بمس العمامة . قال في الفتح : وإذا انعدمت البلة لم يكن بد من الأخذ . ا هـ . وقد يقال : لا بد من الأخذ مطلقا لأنه بمس العمامة يحصل الانفصال فيحكم على البلة بالاستعمال ، وعلى هذا ينبغي أن يقال : لو مسح رأسه بيده ثم رفعهما قبل مسح الأذنين فلا بد من أخذ ماء جديد ولو كانت البلة باقية ، تأمل




الخدمات العلمية