الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والولاء ) بكسر الواو : غسل المتأخر أو مسحه قبل جفاف الأول بلا عذر . [ ص: 123 ] حتى لو فني ماؤه فمضى لطلبه لا بأس به ، ومثله الغسل والتيمم ، وعند مالك فرض ; ومن السنن : الدلك ، وترك الإسراف ، وترك لطم الوجه بالماء ، وغسل فرجها الخارج

التالي السابق


( قوله : والولاء ) اسم مصدر والمصدر الموالاة . قال الحموي : لا تتحقق الموالاة إلا بعد غسل الوجه ا هـ وفيه تأمل ، إذ ما ذكره إنما يتجه أن لو كانت الموالاة معتبرة في جانب فرائض الوضوء فقط ، وهو خلاف الظاهر ط عن أبي السعود ( قوله : بكسر الواو ) أي مع المد ، وهو لغة : التتابع . قال ط : وأما بفتحها فهو صفة توجب لمن قامت به التعصيب لمن أعتقه مثلا ( قوله : غسل المتأخر إلخ ) عرفه الزيلعي بغسل العضو الثاني قبل جفاف الأول . زاد الحدادي مع اعتدال الهواء والبدن وعدم العذر . وعرفه الأكمل في التقرير بالتتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضو مع اعتدال الهواء ، وظاهره أنه لو جف العضو الأول بعد غسل الثاني لم يكن ولاء . وعلى الأول يكون ولاء ، قال في البحر : وهو الأولى .

وفي النهر : الظاهر لا يكون ولاء ، لما في المعراج عن الحلواني أن تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين فيه ترك الولاء فيحمل الثاني في كلام الزيلعي على ما بعد الأول ا هـ أي فيراد بالثاني جميع ما بعد الأول لا ما يليه فقط ، ولا يخفى يعده ; لما في السراج . حده أن لا يجف الماء عن العضو قبل أن يغسل ما بعده .

وفي شرح المنية : هو أن يغسل كل عضو على أثر الذي قبله ولا يفصل بينهما بحيث يجف السابق .

ولا يخفى أيضا أن ما مر عن الحلواني صادق على التعريفين ، وأن حمل التعريف الثاني على الأول أقرب من عكسه ، بأن يراد من قوله من غير أن يتخللها جفاف عضو : أي من غير أن يجف عضو قبل غسل ما بعده ، وكذا قال في غرر الأفكار : هو غسل عضو قبل جفاف متقدمه ا هـ وعليه يحمل كلام الشارح بدليل قوله تبعا لابن كمال أو مسحه ، فإنه كما يشمل مسح الخف يشمل مسح الرأس ، فلا يمكن حمل المتأخر في كلامه على جميع ما بعد الأول حقيقة فافهم ، نعم ما مشى عليه في النهر هو المتبادر من تعريف الدرر .

هذا وقد عرفه في البدائع بأن لا يشتغل بين أفعال الوضوء بما ليس منه . ولا يخفى أن هذا أعم من التعريفين السابقين من وجه ، ثم قال : وقيل : هو أن لا يمكث في أثنائه مقدار ما يجف فيه العضو . [ ص: 123 ]

أقول : يمكن جعل هذا توضيحا لما مر ، بأن يقال : المراد جفاف العضو حقيقة أو مقداره ، وحينئذ فيتجه ذكر المسح ، فلو مكث بين مسح الجبيرة أو الرأس وبين ما بعده بمقدار ما يجف فيه عضو مغسول كان تاركا للولاء ، ويؤيده اعتبارهم الولاء في التيمم أيضا كما يأتي قريبا مع أنه لا غسل فيه ، فاغتنم هذا التحرير ( قوله : حتى لو فني ماؤه إلخ ) بيان للعذر ( قوله : لا بأس به ) أي على الصحيح سراج ( قوله : ومثله الغسل والتيمم ) أي إذا فرق بين أفعالهما لعذر لا بأس به كما في السراج ، ومفاده اعتبار سنية الموالاة فيهما ( قوله : ومن السنن ) أتى بمن للإشارة إلى أنه بقي غيرها : ففي الفتح : ومن السنن الترتيب بين المضمضة والاستنشاق ، والبداءة من مقدم الرأس ومن رءوس الأصابع في اليدين والرجلين . ا هـ . وذكر في المواهب بدل الأول التيامن ومسح الرقبة ، ثم قال : وقيل الأربعة مستحبة ( قوله : الدلك ) أي بإمرار اليد ونحوها على الأعضاء المغسولة حلية : وعده في الفتح من المندوبات ، ولم يتابعه عليه في البحر والنهر ، نعم تابعه المصنف فيما سيأتي ( قوله : وترك الإسراف ) عده في الفتح من المندوبات أيضا ، ولم يتابع أيضا بل صرح في النهر بضعفه ، وقال : إنه سنة مؤكدة لإطلاق النهي عن الإسراف . ا هـ . ويأتي تمامه ( قوله : وترك لطم الوجه بالماء ) جعله في الفتح أيضا من المندوبات ، وسيصرح المصنف كالزيلعي بكراهته . قال في البحر : فيكون تركه سنة لا أدبا ، لكن قال في النهر إنه مكروه تنزيها ( قوله : وغسل فرجها الخارج ) أقول : في تقييده بالمرأة نظر ، فقد عد في المنية الاستنجاء من سنن الوضوء . وفي النهاية إنه من سنن الوضوء . بل أقواها لأنه مشروع لإزالة النجاسة الحقيقية ، وسائر السنن لإزالة الحكمية . وجعل في البدائع سنن الوضوء على أنواع : نوع يكون قبله ، ونوع في ابتدائه ، ونوع في أثنائه ، وعد من الأول الاستنجاء بالحجر ، ومن الثاني الاستنجاء بالماء .




الخدمات العلمية