الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                13 - كل الصدقات حرام على بني هاشم ، زكاة 14 - أو عمالة فيها أو عشرا أو كفارة أو منذورة 15 - إلا التطوع [ ص: 54 ] والوقف .

                التالي السابق


                ( 13 ) قوله : كل الصدقات حرام على بني هاشم إلخ . قال الكرخي : بنو هاشم الذين تحرم عليهم الزكاة والعشور والنذور والكفارات آل علي وآل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل الحارث بن عبد المطلب ، وتحل لهم صدقات الأوقاف إذا سموا في الوقف وكذا الأغنياء كذا في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي . ( 14 ) قوله : أو عمالة إلخ . إنما حرمت العمالة عليهم وإن كانت لها شبهة بالأجرة لأن الشبهة في حقهم مثل الحقيقة كرامة لهم . ( 15 ) قوله : إلا التطوع إلخ . يعني فيجوز لأن الوسخ لا يزول به بل بالفرض وذلك لأن المؤدي يطهر نفسه بإسقاط الفرض فيتدنس المؤدي له كالماء المستعمل بخلاف التطوع فإن المؤدي تبرع بما ليس عليه فلا يتدنس ، كمن تبرد بالماء لا يصير الماء مستعملا وفي شرح الآثار عن أبي حنيفة رحمه الله : أن الصدقات كلها جائزة على بني هاشم والحرمة كانت في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لوصول خمس الخمس إليهم فلما سقط ذلك بموته صلى الله تعالى عليه وسلم حلت لهم الصدقة ، قال الطحاوي رحمه الله وبالجواز نأخذ . [ ص: 54 ] قوله : والوقف مخالف لما في البزازية حيث قال لا يجوز صرف غلة الوقف إلى بني هاشم إلخ . ويوقف بأن كلام المصنف رحمه الله محمول على ما إذا شرط لهم للواقف فيجوز وما في البزازية محمول على ما إذا لم يشرط الواقف لهم فلا يجوز .

                وقد تقدم قريبا عن التمرتاشي أن صدقة الوقف لا تحل لبني هاشم إلا إذا سماهم أما إذا لم يسمهم فلا . ومثله في شرح الطحاوي معللا بأنها صدقة واجبة ، ورده في الفتح حيث قال وصرح في الكافي بدفع صدقة الوقف إليهم على أن المذهب من غير نقل خلاف . ثم قال والحق الذي يقتضيه النظر إجراء صدقة الوقف مجرى النافلة فإن ثبت في النافلة جواز الدفع يثبت في الوقف وإلا فلا إذ لا إشكال في أن الواقف متبرع بتصدقه ، إذ لا إيقاف واجب . وكان منشأ الغلط وجوب دفعها على الناظر وبذلك لم تصر صدقة واجبة على المالك بل غاية الأمر أن وجوب اتباع شرط الواقف على الناظر ( انتهى ) .

                ونظر المصنف رحمه الله في البحر في قول صاحب الفتح إذ لا إيقاف واجب بأنه قد يكون واجبا بالنذر ، كأن قال إن قدم أبي فعلي أن أقف هذه الدار . وقد صرح المحقق نفسه في كتاب الوقف بذا ( انتهى ) .

                أقول : فيه نظر لأن مراد صاحب الفتح بالوجوب المنفي الوجوب بإيجاب الله تعالى والقرينة على ذلك ما صرح به في كتاب الوقف على أن صورة النذر نادرة لا يناط بها حكم عام فتأمل . قال بعض الفضلاء : وما ذكره المصنف من جواز صرف الوقف إليهم مبني على القول بجواز الوقف على أقربائه صلى الله تعالى عليه وسلم بأن حرم الصدقة على قرابته إظهارا لفضله . وقيل : بل كانت الصدقة تحل لسائر الأنبياء على نبينا وعليهم السلام وهذه خصوصية نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ( انتهى ) .

                وهي فائدة جليلة وأما الصدقة على أزواجه صلى الله عليه وسلم فنقل ابن ضياء في شرح المجمع عن ابن بطال في شرح البخاري أن الفقهاء كافة اتفقوا على أن أزواجه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يدخلن في الذين حرمت عليهم الصدقات . وقال ابن قدامة في المغني عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : أما آل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لا تحل لنا الصدقة . ثم قال : فهذا يدل على تحريمها عليهن




                الخدمات العلمية