الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=6124وأما الذي يرجع إلى ركن العقد فخلوه عن شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه حتى لو أجره داره على أن يسكنها شهرا ثم يسلمها إلى المستأجر أو أرضا على أن يزرعها ثم يسلمها [ ص: 195 ] إلى المستأجر أو دابة على أن يركبها شهرا أو ثوبا على أن يلبسه شهرا ثم يسلمه إلى المستأجر فالإجارة فاسدة لأن هذا شرط لا يقتضيه العقد وأنه شرط لا يلائم العقد ، وزيادة منفعة مشروطة في العقد لا يقابلها عوض في معاوضة المال بالمال .
يكون ربا أو فيها شبهة الربا وكل ذلك مفسد للعقد وعلى هذا يخرج أيضا شرط تطيين الدار وإصلاح ميزابها وما وهى منها وإصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج وكري الأنهار وفي إجارة الأرض وطعام العبد وعلف الدابة في إجارة العبد ، والدابة ، ونحو ذلك ; لأن ذلك كله شرط يخالف مقتضى العقد ولا يلائمه وفيه منفعة لأحد العاقدين ، وذكر في الأصل إذا nindex.php?page=treesubj&link=6124استأجر دارا مدة معلومة بأجرة مسماة على أن لا يسكنها فالإجارة فاسدة ولا أجرة على المستأجر إذا لم يسكنها وإن سكنها فعليه أجر مثلها لا ينقص مما سمي أما فساد العقد فظاهر ; لأن شرطه أن لا يسكن نفى موجب العقد وهو الانتفاع بالمعقود عليه وأنه شرط يخالف مقتضى العقد ، ولا يلائم العقد فكان شرطا فاسدا .
وأما عدم وجوب الأجر رأسا إن لم يسكن ووجوب أجر المثل إن سكن فظاهر أيضا ; لأن أجر المثل في الإجارات الفاسدة إنما يجب باستيفاء المعقود عليه لا بنفس التسليم وهو التخلية كما في النكاح الفاسد ; لأن التخلية هي التمكين ولا يتحقق مع الفساد لوجود المنع من الانتفاع به شرعا فأشبه المنع الحسي من العباد وهو الغصب بخلاف الإجارة الصحيحة ; لأنه لا منع هناك فتحقق التسليم فلئن لم ينتفع به المستأجر فقد أسقط حق نفسه في المنفعة فلا يسقط حق الآجر في الأجرة وإذا سكن فقد استوفى المعقود عليه بعقد فاسد وأنه يوجب أجر المثل .
وأما قوله لا ينتقص من المسمى ففيه إشكال ; لأنه قد صح من مذهب أصحابنا الثلاثة أن الواجب في الإجارة الفاسدة بعد استيفاء المعقود عليه ; الأقل من المسمى ومن أجر المثل إذا كان الأجر مسمى وقد قال في هذه المسألة : إنه لا ينقص من المسمى ، من المشايخ من قال المسألة مؤولة تأويلها : إنه لا ينقص من المسمى إذا كان أجر المثل والمسمى واحدا ، ومنهم من أجرى الرواية على الظاهر فقال : إن العاقدين لم يجعلا المسمى بمقابلة المنافع حيث شرط المستأجر أن لا يسكن ، ولا بمقابلة التسليم لما ذكرنا أنه لا يتحقق مع فساد العقد فإذا سكن فقد استوفى منافع ليس في مقابلتها بدل فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ كما إذا لم يذكر في العقد تسمية أصلا إلا أنه قال : لا ينقص من المسمى ; لأن المستأجر رضي بالمسمى بدون الانتفاع فعند الانتفاع أولى ولو آجره داره أو أرضه أو عبده أو دابته وشرط تسليم المستأجر جاز ; لأن تسليم المستأجر من مقتضيات العقد .
ألا ترى أنه يثبت بدون الشرط فكان هذا شرطا مقررا مقتضى العقد لا مخالفا له فصار كما لو أجره على أن يملك المستأجر منفعة المستأجر ولو آجر بشرط تعجيل الأجرة أو nindex.php?page=treesubj&link=6124شرط على المستأجر أن يعطيه بالأجرة رهنا أو كفيلا جاز إذا كان الرهن معلوما والكفيل حاضرا ; لأن هذا شرط يلائم العقد وإن كان لا يقتضيه كما ذكرنا في البيوع فيجوز كما في بيع العين .