الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وأما شرائط الجواز فأنواع بعضها يرجع إلى الواقف ، وبعضها يرجع إلى نفس الوقف ، وبعضها يرجع إلى الموقوف ( أما ) الذي يرجع إلى الواقف فأنواع : ( منها ) العقل ( ومنها ) البلوغ فلا يصح nindex.php?page=treesubj&link=4239_4238الوقف من الصبي والمجنون ; لأن الوقف من التصرفات الضارة ; لكونه إزالة الملك بغير عوض ، والصبي والمجنون ليسا من أهل التصرفات الضارة ، ولهذا لا تصح منهما الهبة والصدقة والإعتاق ونحو ذلك ( ومنها ) الحرية فلا يملكه العبد ; لأنه إزالة الملك ، والعبد ليس من أهل الملك ، وسواء كان مأذونا أو محجورا ; لأن هذا ليس من باب التجارة ولا من ضرورات التجارة ، فلا يملكه المأذون كما لا يملك الصدقة والهبة والإعتاق .
( ومنها ) أن يخرجه الواقف من يده ويجعل له قيما ويسلمه إليه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف هذا ليس بشرط ، واحتج بما روي أن سيدنا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وقف ، وكان يتولى أمر وقفه بنفسه وكان في يده ، وروي عن سيدنا nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه كان يفعل كذلك ; ولأن هذا إزالة الملك لا إلى حد فلا يشترط فيه التسليم كالإعتاق ولهما أن الوقف إخراج المال عن الملك على وجه الصدقة ، فلا يصح بدون التسليم كسائر التصرفات ( وأما ) وقف سيدنا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما فاحتمل أنهما أخرجاه عن أيديهما وسلماه إلى المتولي بعد ذلك فصح ، كمن وهب من آخر شيئا أو تصدق ، أو لم يسلم إليه وقت الصدقة والهبة ثم سلم صح التسليم كذا هذا [ ص: 220 ] ثم التسليم في الوقف عندهما أن يجعل له قيما ويسلمه إليه ، وفي المسجد أن يصلى فيه جماعة بأذان وإقامة بإذنه كذا ذكر القاضي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري رحمه الله في شرحه أنه إذا أذن للناس بالصلاة فيه فصلى واحد كان تسليما ، ويزول ملكه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله nindex.php?page=treesubj&link=4247، وهل يشترط أن لا يشرط الواقف لنفسه من منافع الوقف شيئا ، عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ليس بشرط ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد شرط ( وجه ) قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن هذا إخراج المال إلى الله تعالى وجعله خالصا له ، وشرط الانتفاع لنفسه يمنع الإخلاص فيمنع جواز الوقف ، كما إذا جعل أرضه أو داره مسجدا وشرط من منافع ذلك لنفسه شيئا ، وكما لو أعتق عبده وشرط خدمته لنفسه nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف ما روي عن سيدنا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه وقف وشرط في وقفه لا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف ، وكان يلي أمر وقفه بنفسه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله أن nindex.php?page=treesubj&link=25526_4246_4390_4247الواقف إذا شرط لنفسه بيع الوقف وصرف ثمنه إلى ما هو أفضل منه يجوز ; لأن شرط البيع شرط لا ينافيه الوقف ، ألا ترى أنه يباع باب المسجد إذا خلق ، وشجر الوقف إذا يبس ( ومنها ) أن يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، فإن لم يذكر ذلك لم يصح عندهما ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ذكر هذا ليس بشرط بل يصح وإن سمى جهة تنقطع ، ويكون بعدها للفقراء وإن لم يسمهم ( وجه ) قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه ثبت الوقف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ، ولم يثبت عنهم هذا الشرط ذكرا وتسمية ولأن قصد الواقف أن يكون آخره للفقراء وإن لم يسمهم هو الظاهر من حاله ، فكان تسمية هذا الشرط ثابتا دلالة ، والثابت دلالة كالثابت نصا ، ولهما أن التأبيد شرط جواز الوقف لما نذكر ، وتسمية جهة تنقطع توقيت له معنى فيمنع الجواز ( وأما ) الذي يرجع إلى نفس الوقف فهو التأبيد ، وهو أن يكون مؤبدا حتى لو وقت لم يجز ; لأنه إزالة الملك لا إلى حد فلا تحتمل التوقيت كالإعتاق وجعل الدار مسجدا .