الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : نقل عن الحسن أنه قال : هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه من تزويج المشركات ، قال القاضي : كونهم قبل نزول هذه الآية مقدمين على نكاح المشركات إن كان على سبيل العادة لا من قبل الشرع امتنع وصف هذه الآية بأنها ناسخة ; لأنه ثبت في أصول الفقه أن الناسخ والمنسوخ يجب أن يكونا حكمين شرعيين ، أما إن كان جواز نكاح المشركة قبل نزول هذه الآية ثابتا من قبل الشرع كانت هذه الآية ناسخة .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال أبو مسلم : اللام في قوله : ( ولأمة ) في إفادة التوكيد تشبه لام القسم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الخير هو النفع الحسن ، والمعنى : أن المشركة لو كانت ثابتة في المال والجمال والنسب ، فالأمة المؤمنة خير منها ; لأن الإيمان متعلق بالدين ، والمال والجمال والنسب متعلق بالدنيا ، والدين خير من الدنيا ، ولأن الدين أشرف الأشياء عند كل أحد ، فعند التوافق في الدين تكمل المحبة فتكمل منافع الدنيا من الصحة والطاعة وحفظ الأموال والأولاد ، وعند الاختلاف في الدين لا تحصل المحبة ، فلا يحصل شيء من منافع الدنيا من تلك المرأة ، وقال بعضهم : المراد : ولأمة مؤمنة خير من حرة مشركة .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه لا حاجة إلى هذا التقدير لوجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن اللفظ مطلق .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن قوله : ( ولو أعجبتكم ) يدل على صفة الحرية ; لأن التقدير : ولو أعجبتكم بحسنها أو مالها أو حريتها أو نسبها ، فكل ذلك داخل تحت قوله : ( ولو أعجبتكم ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية