الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1909 ) الفصل الثالث ، في نصاب المعادن وهو ما يبلغ من الذهب عشرين مثقالا ، ومن الفضة مائتي درهم ، أو قيمة ذلك من غيرهما . وهذا مذهب الشافعي وأوجب أبو حنيفة الخمس في قليله وكثيره ، من غير اعتبار نصاب ، بناء على أنه ركاز ; لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه ، ولأنه لا يعتبر له حول ، فلم يعتبر له نصاب كالركاز . ولنا ، عموم قوله عليه السلام : { ليس فيما دون خمس أواق صدقة } . وقوله : { ليس في تسعين ومائة شيء . } وقوله عليه السلام : { ليس عليكم في الذهب شيء ، حتى يبلغ عشرين مثقالا } . وقد بينا أن هذا ليس بركاز ، وأنه مفارق للركاز من حيث إن الركاز مال كافر أخذ في الإسلام ، فأشبه الغنيمة .

                                                                                                                                            وهذا وجب مواساة وشكرا [ ص: 332 ] لنعمة الغنى ، فاعتبر له النصاب كسائر الزكوات . وإنما لم يعتبر له الحول ; لحصوله دفعة واحدة ، فأشبه الزروع والثمار . إذا ثبت هذا فإنه يعتبر إخراج النصاب دفعة واحدة أو دفعات ، لا يترك العمل بينهن ترك إهمال ، فإن خرج دون النصاب ، ثم ترك العمل مهملا له ، ثم أخرج دون النصاب ، فلا زكاة فيهما وإن بلغا بمجموعهما نصابا . وإن بلغ أحدهما نصابا دون الآخر ، زكى النصاب ، ولا زكاة في الآخر . وفيما زاد على النصاب بحسابه .

                                                                                                                                            فأما ترك العمل ليلا ، أو للاستراحة ، أو لعذر من مرض ، أو لإصلاح الأداة ، أو إباق عبيده ونحوه ، فلا يقطع حكم العمل ، ويضم ما خرج في العملين بعضه إلى بعض في إكمال النصاب . وكذلك إن كان مشتغلا بالعمل ، فخرج بين المعدنين تراب ، لا شيء فيه . وإن اشتمل المعدن على أجناس ، كمعدن فيه الذهب والفضة .

                                                                                                                                            فذكر القاضي : أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب ، وأنه يعتبر النصاب في الجنس بانفراده ; لأنه أجناس ، فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر ، كغير المعدن . والصواب ، إن شاء الله ، أنه إن كان المعدن يشتمل على ذهب وفضة ففي ضم أحدهما إلى الآخر وجهان ; بناء على الروايتين في ضم أحدهما إلى الآخر في غير المعدن ، وإن كان فيه أجناس من غير الذهب والفضة ، ضم بعضها إلى بعض ، لأن الواجب في قيمتها ، والقيمة واحدة ، فأشبهت عروض التجارة .

                                                                                                                                            وإن كان فيها أحد النقدين ، وجنس آخر ، ضم أحدهما إلى الآخر ، كما تضم العروض إلى الأثمان . وإن استخرج نصابا من معدنين ، وجبت الزكاة فيه ; لأنه مال رجل واحد ، فأشبه الزرع في مكانين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية